للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بَيْنَ يَدَيْ السَّرِيِّ السَّقْطِيِّ أَلْعَبُ وأَنَا ابنُ سَبْعِ سِنْيِنَ، وبَيْنَ يَدَيْهِ جَمَاعَةٌ يَتَكَلَّمُونَ في الشُّكْرِ، فَقَالَ لِي: يا غُلَامُ ما الشُّكْرُ؟ فقلتُ: أَنْ لا يُعْصَى الله بِنِعَمِهِ، فَقَالَ لِي: أَخْشَى أَن يَكُوْنَ حَظُّكَ مِنَ اللهِ لِسَانُكَ، قَالَ الجُنَيْدُ: فَلَا أَزَالُ أَبْكِيْ على هَذِه الكَلِمَةِ الَّتِي قَالَهَا السَّرِيُّ لي. وقَالَ الجُنَيْدُ في قَوْلِهِ تَعَالَى (١): ﴿وَدَرَسُوا مَا فِيهِ﴾ قَالَ: تَرَكُوا العَمَلَ بِهِ، وقال الجُنَيْدُ: ما أَخَذْنَا التَّصَوُّفَ عن القَالِ والقِيْلِ ولكِنْ عَنِ الجُوْعِ وتَرْكِ الدُّنْيَا، وقَطْعِ المَأُلُوفَاتِ والمُسْتَحْسَنَاتِ؛ لأنَّ التَّصَوُّفَ هو صَفَاءُ المُعَاملَةِ مَعَ اللهِ، وأَصْلُهُ العَزُوْفُ عن الدُّنْيَا، كَمَا قَالَ حَارِثَةُ: عَزَفَتَ نَفْسِي عنِ الدُّنْيَا، فَأَسْهَرْتُ لَيْلِي، وأَظْمَأْتُ نَهَارِيْ.

وَقَالَ أَبُو عَمْرِو بنُ عَلْوَان: خَرَجْتُ يَوْمًا إِلَى، سُوْقِ الرَّحَبَةِ في حَاجةٍ فَرَأَيْتُ جِنَازَةً فتَبِعْتُهَا لأُصَلِّيَ عَلَيْهَا، وَوَقَفْتُ حَتَّى، يُدْفَنَ المَيِّتُ في جُمْلَةِ النَّاسِ، فَوَقَعَتْ عَيْنِي عَلَى امْرَأَةٍ مُسْفِرَةٍ من غَيْرِ تَعَمُّدٍ. فأَلْحَحْتُ (٢) بالنَّظَرِ، واستَرْجَعْتُ واستَغْفَرْتُ اللهَ، وعُدْتُ إلى مَنْزِلي، فقَالَتْ لي عَجُوْزٌ: يا سَيِّدِي مَالِي أَرَى وَجْهَكَ أَسْوَدَ؟ فأَخَذْتُ المِرْآة فَنَظَرْتُ، فَإِذَا وَجْهِي أَسْوَدُ، فَرَجَعْتُ إِلَى سِرِّيٍّ (٣) أَنْظُرُ من أَينَ دُهِيْتُ؟ (٤) فَذَكَرْتُ


(١) سورة الأعراف، (الآية: (١٦٩).
(٢) بياض في (أ)، وفي (ط): (فأحجمت)
(٣) في (ط): (سَرِيِّ) مضبوطة بالشكل مع قلة ضبطه.
(٤) في (ط): (ذهبت).