للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

سَمِعْتُهُ لَمَّا دَخَلَ أَصْبَهَان بدَأَ بِمَسْجِدِهَا الجَامِعُ، فَدَخَلَهُ، وصَلَّى رَكْعَتينِ، واجْتَمَعَ النَّاسُ والشُّيُوخُ عَلَيْهِ، وجَلَسَ وقُرِئَ عَلَيْهِ عَهْدَهُ الَّذِي كَتَبَ لَهُ الخَلِيْفَةُ، جَعَلَ يَبْكِي بُكَاءً حتَّى غَلَبَهُ، فَبَكَى الشُّيُوْخُ الَّذِيْن قَرُبُوا مِنْهُ، فَلَمَّا فُرِغَ مِنْ قِرَاءَةِ العَهْدِ جَعَلَ المَشَايخُ يَدْعُوْنَ لَهُ، ويَقُوْلُوْنَ: مَا في بَلَدِنَا أَحَدٌ إلَّا وَهْوَ يُحِبُّ أَبَا عَبْدِ الله ويَمِيْلُ إِلَيْكَ، فَقَالَ لَهُمْ: تَدْرُوْنَ ما الَّذِي أَبْكَانِي؟ ذَكَرْتُ أَبِي أَنْ يَرَانِي في مِثْلِ هَذَا الحَالِ، قَالَ: وكانَ عليه السَّوَادُ (١)، قَالَ: كانَ أَبِي يَبْعَثُ خَلْفِي إِذَا جَاءَهُ رَجُلٌ زَاهِدٌ مُتَقَشِّفٌ لأنْظرَ إِلَيْه، يُحِبُّ أَنْ أَكُوْنَ مثلَهُم، أوْ يَرَانِي مِثْلَهُم، ولكنَّ اللهَ يَعْلَمُ ما دَخَلْتُ في هذَا الأمْرِ إلَّا لِدَينٍ غَلَبَنِي، وكَثرةِ عِيَالٍ، أَحْمَدُ الله تَعَالَى (٢).

وَقَالَ لي صَالِحٌ غَيْرَ مَرَّةٍ -إِذَا انْصَرَفَ مِنْ مَجْلِسِ الحُكْمِ يَتْرُكُ سَوَادَهُ- ويَقُوْلُ لي: تَرَانِي أَمُوْتُ وأَنَا عَلَى هَذَا؟

وأَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ، حدَّثَنَا صَالِحٌ، قَالَ أَبِي: لَا يَشْهَدُ رَجُلٌ عِنْدَ قَاضٍ جَهْمِيٍّ (٣)، وفي لَفْظٍ آخرَ: سُئِلَ أَبِي عنْ رَجُلٌ يَكُوْنُ قَدْ شَهِدَ شهادة، فَدَعَوْهُ إِلَى القَاضِيْ يَذْهَبُ إِلَيْهِ، والقَاضِيْ جَهْمِيٌّ؟ قَالَ: لَا


= دمشق"، وأورده الحافظُ الذَّهبيُّ في "تاريخ الإسلام" و"سير أعلام النُّبلاء" عن الخَلَّال في كتاب "أدب القُضاة" أيضًا.
(١) شعار بني العبَّاس.
(٢) ساقط من (ب).
(٣) المسألة في: المُغني (٩/ ٤٠)، والفُروع (٦/ ٥٤٩)، والإنصاف (١١/ ١٧٧). ويُراجع: السُّنَّة لعبد الله بن الإمام أحمد (١/ ١٠٢).