للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

سَأَلْتُ أَحْمَدَ: مَا تَكْرَهُ مِنْ قِرَاءَة حَمْزَةَ؟ قَالَ: الكَسْرُ والإدغَام. فَقُلْتُ لَهُ: حَدَّثَنَا خلَفُ بنُ تَمِيْمٍ قَالَ: كُنْتُ أَقْرَأ عَلى حَمْزَةَ، فَمَرَّ بِهِ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ فَجَلَسَ إِلَيْهِ، وسَأَلَهُ عن مَسْأَلَةٍ. فَقَالَ لَهُ: يَا أَبَا عُمَارَةَ، أَمَّا القرآنُ والفَرائضُ: فَقَدْ سَلَّمْنَاهُمَا لَكَ. قَالَ أَحْمَدُ: أَنْتُمْ أَهْلُ القُرْآنِ وأَنْتُم أَعْلَمُ بِهِ.

قَالَ الوَالِدُ السَّعِيْدُ في "نَقْلِ القُرْآن ونَظْمِهِ" فَظَاهِرُ هَذَا: الرُّجُوْعُ عن الكَرَاهَةِ، والَّذِيْ عَليه أَصْحَابُنَا: الكَرَاهَةُ، وكَرَاهَتُهُ لَيْسَ يُخْرِجُهَا عَنْ أَنْ تَكُوْنَ قِرَاءَةً مَأْثُوْرَةً، لكِنَّ غَيْرَهَا مِنَ اللُّغَاتِ أَفْصَحُ


= الشَّديد، ولا يهمز الهمزَ الشَّديْدَ".
أقول: المَدُّ الشَّدِيْدُ والهَمْزُ الشَّديدُ هو ما يكرَهُهُ الإمام أحمد في قراءة حمزةَ وقد سبق ذكر ذلك مرارًا، ولعلَّ ابنَ الهَيْثَم يُريدُ أن يُهَوِّنَ على الإمام أحمدَ ما يُقال عن قراءة حمزةَ، وما يأخذُ عليها أحمد . وقولُ ابنِ الجَزَرِيِّ إنَّ محمَّدَ بنَ الهَيْثَم الكوفيُّ القارئُ هو قاضي عُكْبَرَا وهمٌ منه ، فقَاضِي عُكبَرَا لم يكنْ من القُرَّاءِ، بل مُحدِّثٌ مشهورٌ، ثقةٌ، قال الدَّارقطني: "كان من الثِّقات الحفَّاظ" وقال: "ثِقَةٌ، مأمُوْنٌ، حافِظٌ" ووفاته بعكبرا سنة (٢٧٩ هـ). وله أخبارٌ وذكر حافلٌ في الكُتُب. وقد أوضح عن هذا الوهم ودلّ عليه مُحَقِّقُوا معرفة القُرَّاء الكبار في هامش ترجمة الكوفي (١/ ٢٢١) في طبعة الكتاب الأولى سنة (١٤٠٤ هـ)، ونقل نحوه محقِّق "تاريخ الإسلام" للحافظ الذَّهَبيِّ في ترجمة (محمد بن الهيثم الكوفي) ص (٤٧٩)، وادَّعاه لنفسه حيث قال: "ويقولُ خادِمُ العِلْمِ محقِّقُ هذا الكتاب عُمرُ عبد السَّلام تَدمُري لقد وهم ابنُ الجزريّ … "؟! وقد طبع معرفة القُرَّاء سنة (١٤٠٤ هـ) كما أسلفتُ وأنهى التَّدمُريُّ تحقيقَه لهذا الجزء سنة (١٤١١ هـ) وقد وقف على كَلَامِ مُحَقِّقِي الكِتَابِ؛ لأنَّه أحال عليه في هامش ترجمة المذكور؟!. وكان من الأمانة أن يعزو إليه، ويحيل في تصححه عليه ولو انقَدَحَ في خاطره ذلك؛ لأنَّهم إلى هذا سبقوه و"الفضل للمتقدِّم"، و"من أحيا أرضًا فهو أحَقُّ بها".