للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١١٨٤ - * روى أبو يعلي عن أم سلمة قالت: إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدخل على أزواجه كل غداةٍ فيسلم عليهن، فكانت منهن امرأة عندها عسلٌ، فكان إذا دخل عنها أحضرت له منه شيئاً فيمكث عندها، وإن عائشة وحفصة وجدتا من ذلك. فلما دخل عليهما قالتا: يا رسول الله إنا نجد منك ريح مغافير. فترك ذلك العسل.

١١٨٥ - * روى البخاري ومسلم عن عائشة قالت: خيرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فاخترناه فلم يعددها علينا شيئاً.

أقول: إن حادثة التخيير من أعلام نبوته صلى الله عليه وسلم بل هي أعظم رد على أعدائه، فالرسول عليه الصلاة والسلام مهمته الارتقاء بالنفس البشرية ابتداء من أهل بيته إلى أن يعم الخير كل الناس. ومن أعظم أنواع الارتقاء أن يتمحض الإنسان للآخرة فتكون تطلعاته وأعماله أخروية فلما أراد أزواجه أن ينزلن عن هذا الأفق الرفيع كان الهجران ثم التخيير بين البقاء والطلاق، وأن تخير الجميع بمن في ذلك عائشة وحفصة فذلك يدل على أن الأمر رباني أولاً وأخيراً. وإلا فمن يقف هذا الموقف لولا الثقة المطلقة بالله ولولا أنه منفذ لأمر الله.

قد يقال إن التوسع في المباح جائز، وإنما طلبن أمراً جائزاً، فنجيب أن من الكمال لمن يلي أمور الناس أن يعيش كأدناهم في الرزق حتى لا ينساهم في صولة السلطان، وكذلك فعل الخلفاء الراشدون لما ولوا الخلافة، وكذلك فعل الخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز، ولكن ليس ذلك من الواجبات، وكثيراً ما يفسد أمور الناس أنهم يطالبون أمراءهم بالاخشيشان متناسين الزمان والمكان والاستعداد، في كثير من الأحيان يكون توسع الأمراء جائزاً فهذا الذي لا نرى فيه حرجاً ولكن الكمال هو الأول (١).


١١٨٤ - قال الهيثمي في مجمع الزوائد: رواه أبو يعلي وفيه موسى بن يعقوب الزمعي، وثقه ابن معين وغيره، وضعفه ابن المديني، وبقية رجاله ثقات.
١١٨٥ - البخاري (٩/ ٣٦٧) ٦٨ - كتاب الطلاق-٥ - باب من خير أزواجه.
مسلم (٢/ ١١٠٤) ١٨ - كتاب الطلاق -٤ - باب بيان أن تخيير امرأته لا يكون طلاقاً إلا بالنية.
فلم يعددها علينا شيئاً: فلم يعتبره طلاقاً.

<<  <  ج: ص:  >  >>