للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الأصل، فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم ما كان يغلق باب الحوار مع أحد، ولكنه في أي حوار كان يدعو إلى الله ويحقق مصلحة للإسلام والمسلمين.

٩٨ - * روى الترمذي عن عروة بن الزبير بن العوام، أن عائشة رضي الله عنها قالت: أنزلت {عَبَسَ وَتَوَلَّى} (١) في ابن أم مكتوم الأعمى، أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجعل يقول: يا رسول الله أرشدني - وعند رسول الله صلى الله عليه وسلم من عُظماء المشركين - فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرض عنه ويُقبل على الآخرين، ويقول: "أترى بما أقول بأساً؟ " فيقول: لا، ففي هذا أنزل.

هذه حادثة خالدة ولذلك سجلها القرآن الكريم، لأنها تشكل ظاهرة متجددة في الدعوة إلى الله، وهي من الخطورة بالمكان العظيم، فالدعاة دائماً يتطلعون إلى كسب جديد للدعوة، وفي غمرة التطلع هذا قد يغفلون حقوق المستجيبين للدعوة، وفي كثير من الأحيان لا يستجيب الآخرون ويفقد الداعية صفته. وأول مبادئ العمل الإسلامي أن تحرص على رأس المال أكثر من حرصك على الكسب، ثم إن التطلع المبكر نحو رؤوس القوم ليس هو الأصل، فالعادة جرت أن هؤلاء تتأخر استجابتهم، فالتركيز على المستجيبين ليشكلوا القيادة الحقيقية للأمة هو الأساس، ثم إن الأولوية يجب أن تعطى دائماً للمستجيبين وللصف لتبقى أرواحهم معلقة بالملأ الأعلى.

٩٩ - * روى الطبراني وأبو يعلي عن عقيل بن أبي طالب قال: جاءت قريش إلى أبي طالب فقالوا: يا أبا طالب إن ابن أخيك يأتينا في أفنيتنا وفي نادينا فيُسمعنا ما يؤذينا


٩٨ - الترمذي (٥/ ٤٢٢) ٤٨ - كتاب تفسير القرآن - ٧٣ - باب ومن سورة عبس. وقال: حديث حسن غريب، والموطأ (١/ ٢٠٣) ١٥ - كتاب القرآن - ٤ - باب: ما جاء في القرآن، وصححه ابن حبان (موارد: ١٧٦٩). أرشدني - اهدني ودلني على الخير. والرشد: الاستقامة على طريق الحق مع تصلب فيه. أترى بما نقول بأساً: أي هل قلت شيئاً مذموماً؟
(١) عبس: ١.
٩٩ - قال الهيثمي في مجمع الزوائد (٦/ ١٤): رواه الطبراني في الأوسط والكبير، وأبو يعلي باختصار يسير من أوله، ورجال أبي يعلي رجال الصحيح المعجم الكبير (١٧/ ١٩٢).
الكبس: بيت صغير، لمطاعاً: أي لمطواعاً أي لمطيعاً إما أنه ضمن اسم الفاعل معنى المفعول أو أنه بالنسبة لمحمد صلى الله عليه وسلم مطاع. حلق: حلق ببصره: رفعه. راشدين: مهتدين.

<<  <  ج: ص:  >  >>