للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الفجوة العميقة الواسعة من الجهل والنفور من المفاهيم الدينية والسنن الإلهية التي كانت بينها وبين أهل مكة وجيرانهم من العرب، بل قد عرفوها وألفوها عن طريق اليهود، وأهل الكتاب الذي كانوا يختلطون بهم بحكم البلد والجوار والصلح والحرب والمحالفات، فلما تعرفوا برسول الله صلى الله عليه وسلم وقد حضروا الموسم، ودعاهم إلى الإسلام، ارتفعت الغشاوة عن عيونهم، وكأنهم كانوا من هذه الدعوة على ميعاد.

١٦٨ - * روى أحمد والطبراني عن محمود بن لبيدٍ أخي بني عبد الأشهل قال لما قدم أبو الجليس أنس بن رافع مكة ومعه فتية من بني عبد الأشهل فيهم إياسُ بن معاذ يلتمسون الحِلْف من قريش على قومهم من الخزرج سمع بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتاهم فجلس إليهم فقال لهم: "هل لكم إلى خيرٍ مما جئتم له؟ " قالوا: وما ذاك؟ قال: "أنا رسول الله بعثني إلى العباد أدعوهم إلى أن يعبدوا الله ولا يُشركوا به شيئاً، وأنزل علي الكتاب" ثم ذكر الإسلام وتلا عليهم القرآن. فقال إياس بن معاذ وكان غلاماً حدثاً: أي قوم هذا والله خير مما جئتم له. قال: فأخذ أبو جليس أنسُ بن رافع حفنة من البطحاء فضرب بها في وجه إياس بن معاذٍ وقام رسول الله صلى الله عليه وسلم عنهم، وانصرفوا إلى المدينة، فكانت وقعة بُعاثٍ بين الأوس والخزرج قال: ثم لم يلبث إياس بن معاذ أن هلك قال محمود بن لبيد فأخبرني من حضره من قومي عند موته أنهم لم يزالوا يسمعونه يهلل الله ويكبره ويحمده ويسبحه حتى مات، فما كانوا يشكون أن قد مات مسلماً لقد كان استشعر الإسلام في ذلك المجلس حين سمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم ما سمع.

المفروض أن تكون هذه الحادثة قبل خمس سنين من الهجرة لأن موقعة بعاث كانت كذلك على رأي ابن هشام.

١٦٩ - * روى البخاري عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان يوم بعاثٍ يوماً قدمه


١٦٨ - أحمد في مسنده (٥/ ٤٢٧).
وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد (٦/ ٣٦) وقال: رواه أحمد والطبراني ورجاله ثقات.
بُعاث: بضم الباء وهو يوم كان بين الأوس والخزرج فيه قتال قبل الإسلام، وهو اسم حصن للأوس وبعضهم بقوله بالغين المعجمة وهو تصحيف.
١٦٩ - البخاري (٧/ ١١٠) ٦٢ - كتاب مناقب الأنصار - ١ - باب مناقب الأنصار.
الملأ: الأشراف والجماعة من الناس الذين يكونون رؤوس القوم، السروات: جمع سراة وسَراة: جمع سري، وهو =

<<  <  ج: ص:  >  >>