أصدق لساناً ولا أصدق موعداً من أخيكم الذي طَردْتُم، فإذا فعلتم الذي فعلتم فكونوا أكفِّ الناس عنه. فقال أبو سفيان بن الحارث: كونوا أشد ما كنتم عليه فإن ابني قيلة إن ظفروا بكم لم يرقبوا فيكم إلا ولا ذمة، وإن أطعتموني ألحمتموهم خبر كنانة أو يخرجوا محمداً من بين أظهرهم فيكون وحيداً مطروداً. وأما ابنا قيلةٍ فوالله ما هما وأهل دهلكٍ في المذلة إلا سواء وسأكفيكم حدهم وقال:
سأمنح جانباً مني غليظاً ... على ما كان من قُربٍ وبُعدِ
رجالُ الخزرجية أهل ذلٍّ ... إذا ما كان هزلٌ بعد جدِّ
فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:"والذي نفسي بيده لأقتلنهم ولأصلبنهم لأهدينهُم وهم كارهون إني رحمةٌ بعثني الله عز وجل ولا يتوفاني حتى يُظهر الله دينه. لي خمسةُ أسماء: أنا محمدُ وأحمدُ وأنا الماحي الذي يمحو الله بي الكفر وأنا الحاشرُ يحشر الناس على يدي وأنا العاقب".
أقول: المطعم بن عدي وأبو سفيان كلاهما من أسرة النبي صلى الله عليه وسلم من بني عبد مناف، وكان المنطعم أوصل الرجلين لرحمه، وهو الذي أجار النبي صلى الله عليه وسلم عند عودته من الطائف ودخوله مكة.
والشاهد من ذكره أسماءه صلى الله عليه وسلم أنه الماحي الذي يمحو الله به الكفر، فهو واثق أنه لن يترك كافراً من قومه إلا أن يسلم أو يقتل.
٢٥٨ - * روى الحاكم عن جابر بن سمرة قال: أول من رمى بسهمٍ في سبيل الله سعدُ بن أبي وقاص.
قال في الفتح: وورد عن البخاري جزء من حديث سعد: (إني لأول العرب رمى بسهم في سبيل الله) قال: وكان ذلك في سرية عبيدة بن الحارث، وكان القتال فيها أول حرب وقعت بين المشركين والمسلمين، وهي أول سرية بعثها رسول الله صلى الله عليه وسلم في السنة الأولى
٢٥٨ - المستدرك (٣/ ٤٩٨) وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وأقره الذهبي.