الترجمة باسمه لكونه وقعت له تلك الواقعة لا لكونه كان الأمير، والثاني أنها إن كانت سنة سبع أو ثمان فما كان أسامة يومئذ إلا بالغاً لأنهم ذكروا أنه كان له لما مات النبي صلى الله عليه وسلم ثمانية عشر عاماً.
قوله (أقتلته بعد ما قال) في رواية الكشميهني (بعد أن قال) قال ابن التين: في هذا اللوم تعليم وإبلاغ في الموعظة حتى لا يقدم أحد على قتل من تلفظ بالتوحيد، وقال القرطبي: في تكريره ذلك والإعراض عن قبول العذر زجر شديد عن الإقدام على مثل ذلك. وقال الخطابي: لعل أسامة تأول قوله تعالى (فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا)(١) ولذلك عذره النبي صلى الله عليه وسلم فلم يلزمه دية ولا غيرها. قلت: كأنه حمل نفي النفع على عمومه دنيا وأخرى، وليس ذلك المراد، والفرق بين المقامين أنه في مثل تلك الحالة ينفعه نفعاً مقيداً بأن يجب الكف عنه حتى يختبر أمره هل قال ذلك خالصاً من قلبه أو خشية من القتل، وهذا بخلاف ما لو هجم عليه الموت ووصل خروج الروح إلى الغرغرة وانكشف الغطاء فإنه إذا قالها لم تنفعه بالنسبة لحكم الآخرة وهو المراد من الآية، وأما كونه لم يلزمه دية ولا كفارة فتوقف فيه الداودي وقال: لعله سكت عنه لعلم السامع أو كان ذلك قبل نزول آية الدية والكفارة، وقال القرطبي: لا يلزم من السكوت عنه عدم الوقوع، لكن فيه بعد لأن العادة جرت بعدم السكوت عن مثل ذلك إن وقع، قال: فيحتمل أنه لم يجب عليه شيء لأنه كان مأذوناً له في أصل القتل فلا يضمن ما أتلف من نفس ولا مال كالخاتن والطبيب، أو لأن المقتول كان من العدو ولم يكن له ولي من المسلمين يستحق ديته، قال: وهذا يتمشى على بعض الآراء، أو لأن أسامة أقر بذلك ولم تقم بذلك بينة فلم تلزم العاقلة الدية وفيه نظر. قال ابن بطال: كانت هذه القصة سبب حلف أسامة أن لا يقاتل مسلماً بعد ذلك، ومن ثم تخلف عن علي في الجمل وصفين قلت: وكذا وقع في رواية الأعمش المذكورة أن سعد بن أبي وقاص كان يقول: لا أقاتل مسلماً حتى يقاتله أسامة. واستدل به النووي على رد الفرع الذي ذكره الرافعي فيمن رأى كافراً أسلم فأكرم إكراماً كثيراً، فقال: ليتني كنت كافراً فأسلمت لأكرم، فقال الرافعي: يكفر بذلك، ورده