وَكَذَلِكَ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ، وَقَالَ عِكْرِمَةُ: إذَا جَمَعَ ثُلُثَهَا فَلَهُ الْوَيْلُ إذَا سَهَا عَنْ الصَّلَاةِ وَرَدَ أَوْ مَنَعَ الْمَاعُونَ.
(وَتَنْعَقِدُ) الْإِعَارَةُ (بِكُلِّ قَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ يَدُلُّ عَلَيْهَا) ؛ كَقَوْلِهِ: أَعَرْتُكَ هَذَا الشَّيْءَ أَوْ أَبَحْتُكَ الِانْتِفَاعَ بِهِ، أَوْ يَقُولُ الْمُسْتَعِيرُ أَعِرْنِي هَذَا أَوْ أَعْطِينِيهِ أَرْكَبُهُ، أَوْ أَحْمِلُ عَلَيْهِ، فَيُسَلِّمُهُ الْمُعِيرُ إلَيْهِ، وَنَحْوُهُ كَاسْتَرِحْ عَلَى هَذِهِ الدَّابَّةِ، وَكَدَفْعِهِ الدَّابَّةَ لِرَفِيقِهِ عِنْدَ تَعَبِهِ، وَتَغْطِيَتِهِ بِكِسَائِهِ إذَا رَآهُ بَرَدَ؛ لِأَنَّهَا مِنْ الْبِرِّ، فَصَحَّتْ بِمُجَرَّدِ الدَّفْعِ؛ كَدَفْعِ الصَّدَقَةِ، وَمَتَى رَكِبَ الدَّابَّةَ أَوْ اسْتَبْقَى الْكِسَاءَ عَلَيْهِ كَانَ دَفْعُ ذَلِكَ قَبُولًا.
قَالَ فِي " التَّرْغِيبِ ": يَكْفِي مَا دَلَّ عَلَى الرِّضَى مِنْ قَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ؛ كَمَا لَوْ سَمِعَ مَنْ يَقُولُ: أَرَدْتُ مَنْ يُعِيرُنِي كَذَا، فَأَعْطَاهُ كَذَا؛ لِأَنَّهَا إبَاحَةٌ لَا عَقْدٌ، نَقَلَهُ بِمَعْنَاهُ فِي " الْفُرُوعِ " عَنْ " التَّرْغِيبِ "، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ.
(وَشُرِطَ) لِصِحَّةِ الْإِعَارَةِ أَرْبَعَةُ شُرُوطٍ: أَحَدُهَا (كَوْنُ عَيْنٍ) مُعَارَةٍ (مُنْتَفَعًا بِهَا مَعَ بَقَائِهَا) كَالدُّورِ وَالْعَبِيدِ وَالثِّيَابِ وَالدَّوَابِّ وَنَحْوِهَا؛ «لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اسْتَعَارَ مِنْ أَبِي طَلْحَةَ فَرَسًا» وَمِنْ صَفْوَانَ أَدْرُعًا، وَسُئِلَ عَنْ حَقِّ الْإِبِلِ فَقَالَ: «إعَارَةُ دَلْوِهَا وَإِطْرَاقُ فَحْلِهَا» ، فَثَبَتَ ذَلِكَ فِي الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ، وَالْبَاقِي قِيَاسًا.
(فَدَفْعُ مَا لَا يَبْقَى؛ كَطَعَامٍ تَبَرُّعٌ مِنْ دَافِعٍ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يُنْتَفَعُ بِهِ إلَّا مَعَ تَلَفِ عَيْنَهُ، لَكِنْ إنْ أَعْطَى الْأَطْعِمَةَ وَالْأَشْرِبَةَ بِلَفْظِ الْإِعَارَةِ، فَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: احْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ إبَاحَةُ الِانْتِفَاعِ عَلَى وَجْهِ الْإِتْلَافِ.
(وَيَتَّجِهُ مَا لَمْ يَكُنْ) الطَّعَامُ أَوْ الشَّرَابُ (بِلَفْظِ عَارِيَّةٍ) ، فَإِنْ كَانَ بِلَفْظِهَا (فَهُوَ قَرْضٌ) يَجِبُ عَلَى آخِذِهِ رَدُّ بَدَلِهِ، كَمَا لَوْ اسْتَعَارَ دَرَاهِمَ لِيُنْفِقَهَا فَثَبَتَ بِذِمَّتِهِ قَرْضًا.
وَهُوَ مُتَّجِهٌ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute