للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(وَ) الشَّرْطُ الثَّانِي: (كَوْنُ مُعِيرٍ أَهْلًا لِلتَّبَرُّعِ شَرْعًا) ؛ إذْ الْإِعَارَةُ نَوْعٌ مِنْ التَّبَرُّعِ؛ لِأَنَّهَا إبَاحَةُ مَنْفَعَةٍ.

(وَ) الشَّرْطُ الثَّالِثُ كَوْنُ (مُسْتَعِيرٍ أَهْلًا لِلتَّبَرُّعِ لَهُ) بِتِلْكَ الْعَيْنِ الْمُعَارَةِ؛ بِأَنْ يَصِحَّ مِنْهُ قَبُولُهَا، أَشْبَهَ الْإِبَاحَةَ بِالْهِبَةِ، (فَلَا تَصِحُّ إعَارَةُ نَحْوِ مُضَارِبٍ) كَنَاظِرِ وَقْفٍ وَوَلِيِّ يَتِيمٍ؛ لِمَا بِأَيْدِيهِمْ مِنْ مَالِ الْمُضَارَبَةِ وَالْوَقْفِ وَالْيَتِيمِ، (وَ) لَا تَصِحُّ إعَارَةُ (مُكَاتَبٍ) لِمَا بِيَدِهِ مِنْ الْمَالِ بِدُونِ إذْنِ سَيِّدِهِ، (وَلَا) تَصِحُّ إعَارَةٌ (لِنَحْوِ صَغِيرٍ) كَمَجْنُونٍ وَمَعْتُوهٍ (بِلَا إذْنِ وَلِيِّهِ) ؛ لِعَدَمِ أَهْلِيَّتِهِمْ لِلتَّصَرُّفِ.

(وَصَحَّ فِي) إعَارَةُ (مُؤَقَّتَةٍ شَرْطُ عِوَضٍ مَعْلُومٍ، وَتَصِيرُ إجَارَةً) تَغْلِيبًا لِلْمَعْنَى؛ كَالْهِبَةِ إذَا شُرِطَ فِيهَا ثَوَابٌ مَعْلُومٌ كَانَتْ بَيْعًا، تَغْلِيبًا لِلْمَعْنَى عَلَى اللَّفْظِ، فَإِذَا أُطْلِقَتْ الْإِعَارَةُ، أَوْ جُهِلَ الْعِوَضُ فَالْإِجَارَةُ فَاسِدَةٌ.

وَفِي " التَّلْخِيصِ ": (لَوْ أَعَارَهُ عَبْدَهُ) أَوْ نَحْوَهُ (عَلَى أَنْ يُعِيرَهُ الْآخَرُ فَرَسَهُ) أَوْ نَحْوَهُ، فَفَعَلَا، (فَإِجَارَةٌ فَاسِدَةٌ لَا تُضْمَنُ) ؛ لِلْجَهَالَةِ؛ لِأَنَّهُمَا لَمْ يَذْكُرَا مُدَّةً مَعْلُومَةً وَلَا عَمَلًا مَعْلُومًا.

قَالَ الْحَارِثِيُّ: وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ: أَعَرْتُكَ هَذِهِ الدَّابَّةَ لِتَعْلِفَهَا، أَوْ هَذَا الْعَبْدَ لِتُمَوِّنَّهُ، وَإِنْ عَيَّنَا الْمُدَّةَ وَالْمَنْفَعَةَ؛ صَحَّتْ إجَارَةٌ؛ لِمَا تَقَدَّمَ.

فَائِدَةٌ: قَالَ الْمَرُّوذِيُّ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: رَجُلٌ سَقَطَتْ مِنْهُ وَرَقَةٌ فِيهَا أَحَادِيثُ وَفَوَائِدُ، فَأَخَذْتُهَا، فَتَرَى أَنْ أَنْسَخَهَا وَأُسْمِعَهَا، قَالَ: لَا، إلَّا بِإِذْنِ صَاحِبِهَا.

(وَ) تَصِحُّ (إعَارَةُ نَقْدٍ) مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ (وَنَحْوِهِ) كَمَكِيلٍ وَمَوْزُونٍ، فَإِنْ اسْتَعَارَ النَّقْدَ لِيُنْفِقَهُ، أَوْ أَطْلَقَ، أَوْ اسْتَعَارَ الْمَكِيلَ أَوْ الْمَوْزُونَ لِيَأْكُلَهُ وَأَطْلَقَ، (فَقَرْضٌ) ؛ لِأَنَّ هَذَا مَعْنَى الْقَرْضِ، وَهُوَ مُغَلَّبٌ عَلَى اللَّفْظِ، وَ (لَا) تَكُونُ اسْتِعَارَةُ النَّقْدِ (لِمَا يُسْتَعْمَلُ فِيهِ مَعَ بَقَائِهِ) قَرْضًا، بَلْ عَارِيَّةٌ كَمَا لَوْ اسْتَعَارَ النَّقْدَ لِلْوَزْنِ، أَوْ (لِيَرْهَنَهُ أَوْ يُعَايِرَ عَلَيْهِ) ؛ فَإِنَّهَا تَصِحُّ كَالْإِجَارَةِ لِذَلِكَ، وَكَذَا الْمَكِيلُ وَالْمَوْزُونُ.

(وَ) الشَّرْطُ الرَّابِعُ: (كَوْنُ نَفْعِ) عَيْنٍ (مُبَاحًا) لِمُسْتَعِيرٍ؛ لِأَنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>