لَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِي الْعَمَلِ فِي مَالِهِ، وَإِنْ كَانَ الْمُضَارِبُ عَالِمًا بِالْغَصْبِ فَلَا أَجْرَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ بِالْعَمَلِ، وَلَمْ يَغُرَّهُ أَحَدٌ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ فَعَلَى الْغَاصِبِ أَجْرُ مِثْلِهِ؛ لِأَنَّهُ اسْتَعْمَلَهُ عَمَلًا بِعِوَضٍ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ، فَلَزِمَهُ أَجْرُهُ كَالْعَقْدِ الْفَاسِدِ.
(وَكَذَا) الْحُكْمُ (لَوْ اتَّجَرَ مُودَعٌ فِي الْوَدِيعَةِ) ؛ فَالرِّبْحُ لِمَالِكٍ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَنُصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ الْجَمَاعَةِ.
(وَإِنْ اخْتَلَفَا) - أَيْ: الْغَاصِبُ وَالْمَالِكُ - (فِي قِيمَةِ مَغْصُوبٍ) تَلِفَ بِأَنْ قَالَ الْغَاصِبُ: قِيمَتُهُ عَشْرَةٌ، وَقَالَ الْمَالِكُ اثْنَا عَشَرَ؛ فَقَوْلُ الْغَاصِبِ؛ لِأَنَّهُ غَارِمٌ، (أَوْ) اخْتَلَفَا فِي (قَدْرِهِ) - أَيْ: الْمَغْصُوبِ - (أَوْ) فِي (حُدُوثِ عَيْبِهِ، أَوْ) اخْتَلَفَا فِي (صِنَاعَةٍ فِيهِ) ؛ بِأَنْ قَالَ الْمَالِكُ: كَانَ كَاتِبًا، وَأَنْكَرَهُ الْغَاصِبُ، أَوْ اخْتَلَفَا فِي (مِلْكِ ثَوْبٍ) عَلَى مَغْصُوبٍ، (أَوْ) اخْتَلَفَا فِي مِلْكِ (سَرْجٍ عَلَيْهِ) ؛ فَالْقَوْلُ (قَوْلُ غَاصِبٍ) بِيَمِينِهِ حَيْثُ لَا بَيِّنَةَ لِلْمَالِكِ؛ لِأَنَّهُ مُنْكِرٌ، وَالْأَصْلُ بَرَاءَتُهُ مِنْ الزَّائِدِ، وَعَدَمُ الصِّنَاعَةِ فِيهِ، وَعَدَمُ مِلْكِ الثَّوْبِ أَوْ السَّرْجِ عَلَيْهِ، وَإِنْ اخْتَلَفَا (فِي رَدِّهِ) ، فَقَالَ الْغَاصِبُ: رَدَدْته، وَأَنْكَرَهُ الْمَالِكُ؛ فَقَوْلُ الْمَالِكِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ مَعَهُ، (أَوْ) اخْتَلَفَا فِي وُجُودِ (عَيْبٍ فِيهِ) - أَيْ: الْمَغْصُوبِ - حَالَ كَوْنِهِ (تَالِفًا) ؛ بِأَنْ قَالَ الْغَاصِبُ بَعْدَ تَلَفِ الْمَغْصُوبِ: كَانَ فِيهِ - حِينَ غَصَبْته - سِلْعَةٌ أَوْ أُصْبُعٌ زَائِدَةٌ، وَأَنْكَرَهُ مَالِكٌ، وَكَذَلِكَ دَعْوَاهُ أَنَّهُ كَانَ أَعْوَرَ أَوْ أَعْرَجَ أَوْ يَبُولُ فِي الْفِرَاشِ وَنَحْوَ ذَلِكَ (كَطَرَشٍ) - بِفَتْحَتَيْنِ - أَهْوَنُ الصَّمَمِ، وَيُقَالُ: هُوَ مُوَلَّدٌ، أَوْ أَعْمَى؛ (فَقَوْلُ مَالِكٍ) بِيَمِينِهِ عَلَى نَفْيِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ السَّلَامَةُ، وَإِنْ اخْتَلَفَا بَعْدَ زِيَادَةِ قِيمَةِ الْمَغْصُوبِ فِي وَقْتِ الزِّيَادَةِ، فَقَالَ الْمَالِكُ: زَادَتْ قَبْلَ تَلَفِهِ، وَقَالَ الْغَاصِبُ: بَعْدَ تَلَفِهِ؛ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْغَاصِبِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ ذِمَّتِهِ، وَإِنْ شَاهَدْت الْبَيِّنَةُ الْعَبْدَ مَعِيبًا عِنْدَ الْغَاصِبِ، وَقَالَ الْمَالِكُ: تَعَيَّبَ عِنْدَك، وَقَالَ الْغَاصِبُ: بَلْ كَانَ الْعَيْبُ فِيهِ قَبْلَ غَصْبِهِ؛ فَقَوْلُ الْغَاصِبِ بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّهُ غَارِمٌ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ صِفَةَ الْعَبْدِ لَمْ تَتَغَيَّرْ، وَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى أَنَّهُ كَانَ بِهِ عَيْبٌ، وَادَّعَى كُلٌّ مِنْهُمَا حُدُوثَهُ عِنْدَ الْآخَرِ؛ فَقَوْلُ غَاصِبٍ بِيَمِينِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute