للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْهَدَايَا تُذْهِبُ وَحَرَ الصَّدْرِ» . وَالْوَحَرُ بِفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ: الْحِقْدُ وَالْغَيْظُ (وَتَجْلِبُ الْمَحَبَّةَ) لِحَدِيثِ: «تَهَادَوْا تَحَابُّوا» (وَتَخْتَصُّ) الْهَدِيَّةُ (بِالْمَنْقُولَاتِ) كَالنَّقْدَيْنِ وَالْجَوَاهِرِ وَالْأَسْلِحَةِ وَالْأَوَانِي وَالْأَمْتِعَةِ وَالْحَيَوَانَاتِ. قَالَ الْحَارِثِيُّ: وَإِنَّمَا اُخْتُصَّتْ بِالْمَنْقُولَاتِ؛ لِأَنَّهَا تُحْمَلُ إلَيْهِ، إذَا تَقَرَّرَ ذَلِكَ (فَلَا) تَصِحُّ هَدِيَّةُ الْعَقَارَاتِ؛ لِأَنَّهُ لَا (يُقَالُ: أَهْدَى دَارًا) أَوْ ضَيْعَةً أَوْ بُسْتَانًا.

(وَمَنْ أَهْدَى) شَيْئًا (لِيُهْدَى لَهُ أَكْثَرُ) مِنْهُ (فَلَا بَأْسَ بِهِ) لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «الْمُسْتَغْزِرُ يُثَابُ مِنْ هِبَتِهِ» . (لِغَيْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) فَكَانَ مَمْنُوعًا مِنْهُ؛ لِقَوْلَةِ تَعَالَى: {وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ} [المدثر: ٦] ؛ أَيْ: لَا تُعْطِ شَيْئًا لِتَأْخُذَ أَكْثَرَ مِنْهُ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَغَيْرُهُ: وَهُوَ خَاصٌّ بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِأَشْرَفِ الْأَخْلَاقِ وَأَجَلِّهَا.

(وَوِعَاءُ هَدِيَّةٍ كَهِيَ) فَلَا يُرَدُّ (مَعَ عُرْفٍ) بِذَلِكَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِرْفٌ رَدَّهُ، قَالَهُ فِي " الْفُرُوعِ ". قَالَ الْحَارِثِيُّ: لَا يَدْخُلُ الْوِعَاءُ إلَّا مَا جَرَتْ بِهِ عَادَةٌ (كَقَوْصَرَّةِ تَمْرٍ) وَنَحْوِهَا انْتَهَى.

(وَكُرِهَ رَدّ هِبَةٍ وَإِنْ قَلَّتْ) كَذِرَاعٍ، أَوْ كُرَاعٍ - بِضَمِّ الْكَافِ وَتَخْفِيفِ الرَّاءِ وَآخِرُهُ عَيْنٌ مُهْمَلَةٌ - مُسْتَدَقُّ السَّاقِ مِنْ الرِّجْلِ وَمِنْ حَدِّ الرُّسْغِ فِي الْيَدِ، وَهُوَ مِنْ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ بِمَنْزِلَةِ الْوَظِيفِ مِنْ الْفَرَسِ وَالْبَعِيرِ، وَوَظِيفُ الْبَعِيرِ خُفُّهُ، وَهُوَ كَالْحَافِرِ لِلْفَرَسِ؛ لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا: «لَوْ أُهْدِيَ إلَيَّ ذِرَاعٌ أَوْ كُرَاعٍ لَقَبِلْتُ» .

خُصُوصًا الطِّيبُ؛ لِحَدِيثِ: «ثَلَاثَةٌ لَا تُرَدُّ فَعَدَّ مِنْهَا الطِّيبَ» ، وَلِحَدِيثِ أَحْمَدَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ مَرْفُوعًا: «لَا تَرُدُّوا الْهَدِيَّةَ» وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ قَبُولُ هَدِيَّةٍ وَهِبَةٍ، وَلَوْ جَاءَتْ بِلَا مَسْأَلَةٍ وَلَا اسْتِشْرَافِ نَفْسٍ.

قَالَ الْحَارِثِيُّ: وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، يَعْنِي الْمُوَفَّقَ وَغَيْرَهُ مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>