(بِعِتْقِهِ) فَيُقَدَّمُ عِتْقُهُ عَلَى الْوَصِيَّةِ لَهُ؛ لِأَنَّهُ أَنْفَعُ لَهُ مِنْهَا، وَبَطَلَ مَا عَجَزَ عَنْ الثُّلُثِ.
(وَ) تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ (لِقِنِّهِ) ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى غَيْرِ مُكَاتَبِهِ وَرَقِيقِهِ وَأُمِّ وَلَدِهِ (بِمَشَاعٍ) مِنْ مَالِهِ (كَثُلُثِهِ) أَيْ: مَالِهِ؛ لِأَنَّهُ ثُلُثُ الْمَالِ أَوْ بَعْضُهُ؛ فَالْوَصِيَّةُ تَنْحَصِرُ فِيهِ اعْتِبَارًا لِلْعِتْقِ، فَإِنَّهُ يَعْتِقُ بِمِلْكِ نَفْسِهِ، وَإِذَا وُصِّيَ لَهُ بِالرُّبْعِ وَقِيمَتُهُ مِائَةٌ، وَلِلْمُوصِي سِوَى الْقِنِّ ثَمَانِمِائَةٍ؛ عَتَقَ وَأَخَذَ مِائَةً وَخَمْسَةً وَعِشْرِينَ؛ لِأَنَّ مَجْمُوعَ الْمَالِ تِسْعُمِائَةٍ وَرُبْعُهَا مِائَتَانِ وَخَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ؛ عَتَقَ مِنْهَا الْعَبْدُ بِمِائَةٍ، يَبْقَى لَهُ مَا ذُكِرَ فَيَأْخُذُهُ، وَإِنْ كَانَتْ الْوَصِيَّةُ بِالرُّبْعِ وَلَهُ سِوَاهُ ثَلَاثُمِائَةٍ؛ عَتَقَ فَقَطْ. وَإِنْ كَانَ لَهُ سِوَاهُ مِائَتَانِ؛ عَتَقَ مِنْهُ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهِ، وَهَكَذَا.
وَالْحَاصِلُ إنْ كَانَتْ الْوَصِيَّةُ وَفْقَ قِيمَتِهِ عَتَقَ، أَوْ أَزْيَدَ فَالزِّيَادَةُ لَهُ، أَوْ أَنْقَصَ فَيَعْتِقُ بِقَدْرِهِ مِنْهُ.
(وَ) تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ لِقِنِّهِ (بِنَفْسِهِ وَرَقَبَتِهِ) أَيْ: الْقِنِّ بِأَنْ يَقُولَ: أَوْصَيْت لَك بِنَفْسِك أَوْ رَقَبَتِك؛ كَمَا لَوْ وَصَّى بِعِتْقِهِ (وَيَعْتِقُ) كُلُّهُ (بِقَبُولِهِ إنْ خَرَجَ) كُلُّهُ (مِنْ ثُلُثِهِ) لِأَنَّ الْقِنَّ يَدْخُلُ فِي الْجُزْءِ الْمَشَاعِ، فَيَمْلِكُ الْجُزْءَ الْمُوصَى بِهِ مِنْ نَفْسِهِ بِقَبُولِهِ، فَيَعْتِقُ مِنْهُ بِقَدْرِهِ؛ لِتَعَذُّرِ مِلْكِهِ لِنَفْسِهِ، ثُمَّ يَسْرِي الْعِتْقُ لِبَقِيَّتِهِ إنْ حَمَلَهُ الثُّلُثُ؛ كَمَا لَوْ أَعْتَقَ بَعْضَ عَبْدِهِ.
وَعَلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَقْبَلْ لَمْ يُعْتَقْ؛ لِاقْتِضَاءِ الصِّيغَةِ الْقَبُولَ، كَمَا لَوْ قَالَ: وَهَبْت مِنْك نَفْسَك، أَوْ مَلَكْتُك نَفْسَك؛ فَإِنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى الْقَبُولِ فِي الْمَجْلِسِ (وَإِلَّا) يَخْرُجْ كُلُّهُ مِنْ ثُلُثِهِ بَلْ بَعْضُهُ (فَ) إنَّهُ يَعْتِقُ مِنْهُ (بِقَدْرِهِ) أَيْ: الثُّلُثِ إنْ لَمْ يُجِزْ الْوَرَثَةُ عِتْقَ بَاقِيهِ.
فَلَوْ كَانَتْ الْوَصِيَّةُ لِقِنِّهِ بِثُلُثِ الْمَالِ وَقِيمَتُهُ مِائَةٌ وَلَهُ سِوَاهُ خَمْسُونَ؛ عَتَقَ نِصْفُهُ.
(وَيَتَّجِهُ) صِحَّةُ الْوَصِيَّةِ لِقِنٍّ غَيْرِ أَهْلٍ لِلْقَبُولِ لِصِغَرِهِ أَوْ جُنُونِهِ (وَيُنْتَظَرُ تَكْلِيفُ) الصَّغِيرِ وَإِفَاقَةُ الْمَجْنُونِ لِيَقْبَلَ أَوْ يَرُدَّ؛ إذْ لَا يُعْتَدُّ بِقَبُولِ (غَيْرِ مُكَلَّفٍ) وَلَا رَدِّهِ وَالْوَصِيَّةُ يَفْتَقِرُ لُزُومُهَا إلَى قَبُولٍ مِنْ جَائِزِ التَّصَرُّفِ وَقْتَ مَوْتِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute