(مُسْكِرًا مَائِعًا) أَخْرَجَ الْحَشِيشَةَ وَنَحْوَهَا (بِلَا حَاجَةِ غُصَّةٍ) أَمَّا إذَا غُصَّ بِلُقْمَةٍ فَلَهُ دَفْعُهَا (وَلَوْ خَلَطَ فِي كَلَامِهِ أَوْ سَقَطَ تَمْيِيزُهُ بَيْنَ الْأَشْيَاءِ) فَلَا يَعْرِفُ مَتَاعَهُ مِنْ مَتَاعِ غَيْرِهِ، أَوْ لَمْ يَعْرِفْ السَّمَاءَ مِنْ الْأَرْضِ، وَلَا الذَّكَرَ مِنْ الْأُنْثَى (وَيُؤَاخَذُ) السَّكْرَانُ الَّذِي يَقَعُ طَلَاقُهُ (بِسَائِرِ أَقْوَالِهِ) وَأَفْعَالِهِ (وَبِكُلِّ فِعْلٍ يُعْتَبَرُ لَهُ الْعَقْلُ فِيمَا عَلَيْهِ كَإِقْرَارٍ وَقَذْفٍ وَظِهَارٍ وَإِيلَاءٍ وَسَرِقَةٍ وَزِنًا وَبَيْعٍ وَشِرَاءٍ وَوَقْفٍ وَعَارِيَّةٍ وَقَبْضِ أَمَانَةٍ وَإِسْلَامٍ وَرِدَّةٍ) لِأَنَّ الصَّحَابَةَ جَعَلُوهُ كَالصَّاحِي بِالْحَدِّ فِي الْقَذْفِ وَلِأَنَّهُ فَرَّطَ بِإِزَالَةِ عَقْلِهِ فِيمَا يُدْخِلُ فِيهِ ضَرَرًا عَلَى غَيْرِهِ؛ فَأَلْزَم عَلَى حُكْمِ تَفْرِيطِهِ عُقُوبَةً لَهُ، وَ (لَا) يُؤَاخَذُ (فِيمَا لَهُ) بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَصِحُّ مِنْهُ فِعْلٌ يَعُودُ إلَيْهِ نَفْعُهُ (كَوُقُوفٍ وَطَوَافٍ وَسَعْيٍ وَصَوْمٍ وَصَلَاةٍ) ؛ لِأَنَّهَا عِبَادَةٌ تَفْتَقِرُ إلَى نِيَّةٍ، وَالسَّكْرَانُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهَا (قَالَ جَمَاعَةٌ) مِنْ الْأَصْحَابِ (لَا تَصِحُّ عِبَادَةُ السَّكْرَانِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا حَتَّى يَتُوبَ) لِلْخَبَرِ: وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَالْحَشِيشَةُ الْخَبِيثَةُ كَالْبَنْجِ.
وَأَبُو الْعَبَّاسِ يَرْوِي أَنَّ حُكْمَهَا حُكْمُ الشَّرَابِ الْمُسْكِرِ حَتَّى فِي إيجَابِ الْحَدِّ، وَيُفَرِّقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْبَنْجِ بِأَنَّهَا تُشْتَهَى وَتُطْلَبُ؛ فَهِيَ كَالْخَمْرِ، بِخِلَافِ الْبَنْجِ، فَالْحُكْمُ عِنْدَهُ مَنُوطٌ بِاشْتِهَاءِ النَّفْسِ وَطَلَبِهَا، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُنْتَهَى وَشَرْحِهِ " " بِمَا قَالَهُ الشَّيْخُ مِنْ حَيْثُ وُقُوعُ الطَّلَاقِ، وَكَانَ عَلَى الْمُصَنِّفِ أَنْ يُشِيرَ عَلَى خِلَافِهِ.
(وَلَا يَقَعُ) طَلَاقٌ (مِنْ مُكْرَهٍ شَرِبَ) مُسْكِرًا (وَلَمْ يَأْثَمْ) بِشُرْبِهِ، هَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ.
قَالَ ابْنُ مُفْلِحٍ فِي أُصُولِهِ: وَالْمَعْذُورُ بِالسُّكْرِ كَالْمُغْمَى عَلَيْهِ (بِخِلَافِ مُكْرَهٍ عَلَى) شُرْبِ (يَسِيرٍ) مِنْ الْمُسْكِرِ (فَشَرِبَ) مِنْهُ (كَثِيرًا) فَيَقَعُ طَلَاقُهُ كَالْمُخْتَارِ؛ لِمَا يَجِدُ مِنْ اللَّذَّةِ (وَلَا) يَقَعُ طَلَاقٌ (مِمَّنْ أُكْرِهَ) عَلَى الطَّلَاقِ (ظُلْمًا) لِلْخَبَرِ (لَا بِحَقٍّ) فَإِنْ أُكْرِهَ عَلَيْهِ بِحَقٍّ (كَ) حَاكِمٍ يُكْرِهُ (فِي) نِكَاحٍ (فَاسِدٍ وَإِيلَاءٍ) بَعْدَ التَّرَبُّصِ، وَأَبَى الْفَيْئَةَ فَإِنَّهُ يَقَعُ (بِعُقُوبَةٍ) مُتَعَلِّقٌ بِإِكْرَاهٍ (أَوْ إخْرَاجِهِ مِنْ دِيَارِهِ أَوْ تَهْدِيدٍ لَهُ، أَوْ لِوَلَدِهِ، وَفِي " الْفُرُوعِ ": وَيَتَّجِهُ أَوْ لِوَالِدِهِ) وَيَغْلِبُ عَلَى ظَنِّهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute