للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَعَلَى هَذَا فَقُضَاةُ الْأَطْرَافِ يَجُوزُ أَنْ لَا يَقْضُوا فِي الْأُمُورِ الْكَبَائِرِ كَالدِّمَاءِ وَالْقَضَايَا الْمُشْكِلَةِ.

(وَيَجُوزُ) أَنْ يَقُولَ الْإِمَامُ لِلْقَاضِي (اقْضِ فِيمَا تَعْلَمُ) كَمَا يَقُولُ لِمُفْتٍ (أَفْتِ بِمَا تَعْلَمُ، وَيَبْقَى مَا لَا يَعْلَمُ خَارِجًا عَنْ وِلَايَتِهِ انْتَهَى. وَمِثْلُهُ لَا تَقْضِ فِيمَا مَضَى لَهُ عَشْرُ سِنِينَ وَنَحْوُهُ)

لِخُصُوصِ وِلَايَتِهِ (وَإِنْ نَهَاهُ الْإِمَامُ بَعْدَ أَنْ وَلَّاهُ عَنْ الْحُكْمِ فِي مَسْأَلَةٍ، فَلَهُ الْحُكْمُ) كَمَا لَوْ لَمْ يَنْهَهُ صَوَّبَهُ فِي " الْإِنْصَافِ " قَالَ فِي شَرْحِ الْإِقْنَاعِ " قُلْتُ: فَيُفَرَّقُ بَيْنَ مَا وَلَّاهُ ثُمَّ نَهَاهُ عَنْ شَيْءٍ.

(وَلَا يُشْتَرَطُ كَوْنُ قَاضٍ كَاتِبًا) لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ أُمِّيًّا، وَهُوَ سَيِّدُ الْحُكَّامِ، وَلَيْسَ مِنْ ضَرُورَةِ الْحُكْمِ الْكِتَابَةُ، أَيْ: وَلَا يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ (وَرِعًا أَوْ زَاهِدًا أَوْ يَقِظًا أَوْ مُثْبِتًا لِلْقِيَاسِ أَوْ حَسَنَ الْخُلُقِ) لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ مِنْ ضَرُورَةِ الْحُكْمِ (وَالْأَوْلَى كَوْنُهُ كَذَلِكَ) لِأَنَّهُ أَكْمَلُ كَالْأَسَنِّ إذَا سَاوَى الشَّابَّ فِي جَمِيعِ الصِّفَاتِ.

(وَمَا يَمْنَعُ التَّوْلِيَةَ أَبَدًا) كَالْجُنُونِ وَالْفِسْقِ وَالصَّمَمِ وَالْعَمَى (يَمْنَعُهَا دَوَامًا) لِيَنْعَزِلَ إذَا طَرَأَ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ، لِفَقْدِ شَرْطِ التَّوْلِيَةِ (فَمَتَى فَسَقَ أَوْ جُنَّ، انْعَزَلَ إلَّا فَقْدَ السَّمْعِ وَالْبَصَرِ فِيمَا ثَبَتَ عِنْدَهُ) وَهُوَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (وَلَمْ يَحْكُمْ بِهِ) حَتَّى عَمِيَ أَوْ طَرِشَ (فَإِنَّ وِلَايَةَ حُكْمِهِ بَاقِيَةٌ فِيهِ) لِأَنَّهُ إنَّمَا مَنَعَ الْأَعْمَى وَالْأَصَمَّ ابْتِدَاءً؛ لِأَنَّ الْأَعْمَى لَا يُمَيِّزُ بَيْنَ الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ كَمَا سَبَقَ، وَالْأَصَمُّ لَا يَعْرِفُ مَا يُقَالُ فَلَا يُمْكِنُهُ الْحُكْمُ، فَإِذَا كَانَ قَدْ عَرَفَهُمَا قَبْلَ الْعَمَى، وَسَمِعَ مِنْهُمَا قَبْلَ الصَّمَمِ، وَثَبَتَ عِنْدَهُ الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ مِنْ الْخَصْمِ وَاللَّفْظِ، وَلَمْ يَمْتَنِعْ عَلَيْهِ أَنْ (يَحْكُمَ بِهِ بَعْدَ) الْعَمَى وَالصَّمَمِ، لِأَنَّ فَقْدَهُمَا لَيْسَ مِنْ مُقَدِّمَاتِ الِاجْتِهَادِ، فَيَصِحُّ الْحُكْمُ مِنْهُ مُسْتَنِدًا إلَى حَالِ السَّمْعِ وَالْبَصَرِ، بِخِلَافِ غَيْرِهِمَا.

(وَيَتَعَيَّنُ عَزْلُهُ) ؛ أَيْ: الْقَاضِي (مَعَ مَرَضٍ يَمْنَعُهُ الْقَضَاءَ)

لِدُعَاءِ الْحَاجَةِ إلَى إقَامَةِ غَيْرِهِ

(وَيَصِحُّ أَنْ يُوَلَّى عَبْدٌ إمَارَةَ سَرِيَّةً وَقَسْمَ صَدَقَةٍ) وَقَسْمٍ (فِي فَيْءٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>