يَسْكُنُ الْبُيُوتَ، وَلَكِنَّهُ أَوَّلُ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ مُبَارَكًا وهدى للعالمين. قال: فأخبرني عن بنائه. قَالَ: أَوْحَى اللَّهُ- تَعَالَى- إِلَى إِبْرَاهِيمَ- عَلَيْهِ الصلاة والسلام- أن ابن لي بيتًا. قال: فضيق إبراهيم- عليه الصلاة والسلام- ذرعًا، فَأَرْسَلَ اللَّهُ- عَزَّ وَجَلَّ- رِيحًا يُقَالُ لَهَا: السَّكِينَةُ، وَيُقَالُ لَهَا: الْخَجُوجُ، لَهَا عَيْنَانِ وَرَأْسٌ، وَأَوْحَى اللَّهُ- عَزَّ وَجَلَّ- لِإِبْرَاهِيمَ- عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- أَنْ يَسِيرَ إِذَا سَارَتْ وَيُقِيلُ إِذَا قَالَتْ، فَسَارَتْ حَتَّى انْتَهَتْ إِلَى مَوْضِعِ الْبَيْتِ، فتطوقت عَلَيْهِ مِثْلَ الْجُحْفَةِ وَهِيَ بِإِزَاءِ الْبَيْتِ الْمَعْمُورِ يَدْخُلُهُ كُلَّ يَوْمٍ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ لَا يَعُودُونَ فِيهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، فَجَعَلَ إِبْرَاهِيمُ وَإِسْمَاعِيلُ- عَلَيْهِمَا السَّلَامُ- يَبْنِيَانِ كُلَّ يَومٍ مَسَاقًا، فَإِذَا اشْتَدَّ عَلَيْهِمَا الْحَرُّ اسْتَظَلَّا فِي ظِلِّ الْجَبَلِ، فَلَمَّا بَلَغَا مَوْضِعَ الْحَجَرِ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِإِسْمَاعِيلَ- عَلَيْهِمَا السَّلَامُ-: ائْتِنِي بِحَجَرٍ أَضَعُهُ يَكُونُ عَلَمًا لِلنَّاسِ. فَاسْتَقْبَلَ إِسْمَاعِيلُ الْوَادِيَ وَجَاءَهُ بِحَجَرٍ، فَاسْتَصْغَرَهُ إِبْرَاهِيمُ وَرَمَى بِهِ، وَقَالَ: جِئْنِي بِغَيْرِهِ. فذهب إسماعيل وهبط جبريل على إبراهيم- عليهما السلام- بالحجر الأسود، فجاء إِسْمَاعِيلُ فَقَالَ لَهُ إِبْرَاهِيمُ- عَلَيْهِ السَّلَامُ-: قَدْ جَاءَنِي مَنْ لَمْ يَكِلْنِي فِيهِ إِلَى حَجَرِكَ. قَالَ: فَبَنَى الْبَيْتَ، وَجَعَلَ يَطُوفُونَ حَوْلَهُ وَيُصَلُّونَ حَتَّى مَاتُوا وَانْقَرَضُوا، فَتَهَدَّمَ الْبَيْتُ فَبَنَتْهُ الْعَمَالِقَةُ، فَكَانُوا يَطُوفُونَ بِهِ حَتَّى مَاتُوا وَانْقَرَضُوا، فَتَهَدَّمَ الْبَيْتُ فَبَنَتْهُ قُرَيْشٌ، فَلَمَّا بَلَغُوا مَوْضِعَ الْحَجَرِ اخْتَلَفُوا فِي وَضْعِهِ، فَقَالُوا: أَوَّلُ مَنْ يَطْلُعُ من الْبَابِ. فَطَلَعَ َالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالُوا: قَدْ طَلَعَ الْأَمِينُ. فَبَسَطَ ثَوْبًا وَوَضَعَ الْحَجَرَ وسطه، وَأَمَرَ بُطُونَ قُرَيْشٍ فَأَخَذَ كُلُّ بَطْنٍ مِنْهُمْ بِنَاحِيَةٍ مِنَ الثَّوْبِ، وَوَضَعَهُ بِيَدِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ".
رَوَاهُ الْحَارِثُ، وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ، وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الْكُبْرَى.
وَتَقَدَّمَ لَفْظُهُمْ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الْمَسَاجِدِ، وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ وابن عمر.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute