أُكَلِّمُهُ وَيُكَلِّمُنِي. فَقُلْتُ: لَا يَخْرُجُ إِلَيْهِ غَيْرِي. فَخَرَّجْتُ مَعِي تُرْجُمَانَ وَمَعَهُ تُرْجُمَانُ حَتَّى وُضِعَ لَنَا مِنْبَرَانِ، فَقَالَ: مَا أَنْتُمْ؟ قُلْتُ: نَحْنُ العرب من أَهْلِ الشَّوْكِ وَالْقُرَظِ، وَنَحْنُ أَهْلُ بَيْتِ اللَّهِ، كنا أضيق الناس أرضا، وأشده عَيْشًا نَأْكُلُ (الْمَيْتَ) وَالدَّمَ، وَيُغَيْرُ بَعْضِنَا عَلَى بَعْضٍ، كُنَّا بِشَرِّ عَيْشٍ عَاشَ بِهِ النَّاسُ، حَتَّى خَرَجَ فِينَا رَجُلٌ لَيْسَ بِأَعْظَمِنَا يومئذٍ شَرَفًا، وَلَا أَكْثَرَنَا مَالًا، قَالَ: أَنَا رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَيْكُمْ. يَأْمُرُنَا بِمَا لَا نَعْرِفُ، وَيَنْهَانَا عَمَّا كُنَّا عَلَيْهِ وَكَانَتْ عَلَيْهِ آبَاؤُنَا، فَشَنَّفْنَا لَهُ وَكَذَّبْنَاهُ، وَرَدَدْنَا عَلَيْهِ مَقَالَتَهُ، حَتَّى خَرَجَ إِلَيْهِ قَوْمٌ مِنْ غَيْرِنَا، فَقَالُوا: نَحْنُ نُصَدِّقُكَ وَنُؤْمِنُ بِكَ وَنَتَّبِعُكَ، وَنُقَاتِلُ مَنْ قَاتَلَكَ. فَخَرَجَ إِلَيْنَا وَخَرَجْنَا إِلَيْهِ، وَقَاتَلْنَاهُ فَقَتَلَنَا وَظَهَرَ عَلَيْنَا وَغَلَبَنَا، وَتَنَاوَلَ مَنْ يَلِيهِ مِنَ الْعَرَبِ فَقَاتَلَهُمْ حَتَّى ظَهَرَ عَلَيْهِمْ، فَلَوْ يَعْلَمُ مَنْ وَرَائِي مِنَ الْعَرْبِ مَا أَنْتُمْ فِيهِ مِنَ الْعَيْشِ لَمْ يَبْقَ أَحَدٌ إِلَّا جَاءَكُمْ حَتَّى يُشْرِكُكُمْ فِيمَا أَنْتُمْ فِيهِ مِنَ الْعَيْشِ. فَضَحِكَ ثُمَّ قَالَ: إِنَّ رَسُولُكُمْ قَدْ صَدَقَ، وَقَدْ جَاءَتْنَا رُسُلُنَا بِمِثْلِ الَّذِي جَاءَ بِهِ رَسُولُكُمْ، وَكُنَّا عَلَيْهِ حَتَّى ظَهَرَتْ فِينَا مُلُوكٌ فَجَعَلُوا يَعْمَلُونَ فِينَا بِأَهْوَائِهِمْ، وَيَتْرُكُونَ أَمْرَ الْأَنْبِيَاءِ، فَإِنْ أَنْتُمْ أَخَذْتُمْ بِأَمْرِ نَبِيِّكُمْ لَمْ يُقَاتِلْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا غَلَبْتُمُوهُ، ولم يشارفكم أَحَدٌ إِلَّا ظَهَرْتُمْ عَلَيْهِ، فَإِذَا فَعَلْتُمْ مِثْلَ الَّذِي فَعَلْنَا فَتَرَكْتُمْ أَمْرَ نَبِيِّكُمْ، وَعَمِلْتُمْ مِثْلَ الَّذِي عَمِلُوا بِأَهْوَائِهِمْ فَخَلَّى بَيْنَنَا وَبَيْنِكُمْ، لَمْ تَكُونُوا أَكْثَرَ عَدَدًا مِنَّا وَلَا أَشَدَّ مِنَّا قُوَّةً. قَالَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ: فَمَا كَلَّمْتُ رجلا قط أمكر مِنْهُ ".
٤٦٣٢ / ٢ - رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ: ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى الْمَوْصِلِيُّ ... فَذَكَرَهُ.
٢٧- بَابُ ذِكْرِ الْبُعُوثِ وَالسَّرَايَا
٤٦٣٣ - قَالَ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ: ثنا وُهَيْبٌ، عَنْ دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ، عْنَ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: "لَمَّا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَامَ خُطَبَاءُ الْأَنْصَارِ فَجَعَلَ بَعْضُهُمْ يقوله: يَا مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إِذَا بَعَثَ رَجَلًا مِنْكُمْ قَرَنَهُ بِآخَرَ مِنَّا، فَنَحْنُ نَرَى أَنْ يَلِي هَذَا الْأَمْرُ رَجُلَانِ: رَجُلٌ مِنْكُمْ، وَرَجُلٌ مِنَّا. فَقَامَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ فَقَالَ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute