عَامِلِ الْمَدِينَةِ: أَنْ أَفِدْ إِلَيَّ مَنْ شَاءَ. قَالَ: فَوَفَدَ إِلَيْهِ عَمْرُو بْنُ حَزْمٍ الْأَنْصَارِيُّ يستأذن، فجاء حاجب معاوية، يَسْتَأْذِنُ، فَقَالَ: هَذَا عَمْرٌو قَدْ جَاءَ يَسْتَأْذِنُ، فَقَالَ: مَا جَاءَ بِهِمْ إليَّ؟ قَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، جَاءَ يَطْلُبُ مَعْرُوفَكَ. فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: إِنْ كَانَ صَادِقًا فَلْيَكْتُبْ إليَّ، فَأَعْطِهِ مَا سَأَلَهُ وَلَا أَرَاهُ، قَالَ: فَخَرَجَ إِلَيْهِ الْحَاجِبُ فقال: ما حاجتيك؟ اكتب ما شئت. فقال: سبحان الله أجيء إلى باب أمير المؤمنين فأحجب، عَنْهُ! أُحِبُّ أَنْ أَلْقَاهُ فَأُكَلِّمَهُ، فَقَالَ مُعَاوِيَةُ للحاجب: عده يوم كذا وكذا، إذا صَلَّى الْغَدَاةَ فَلْيِجِئْ. قَالَ: فَلَمَّا صَلَّى مُعَاوِيَةُ الْغَدَاةَ أَمَرَ بِسَرِيرِهِ فَجُعِلَ فِي الْإِيوَانِ، ثُمَّ أَخْرَجَ، عَنْهُ النَّاسَ فَلَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ أَحَدٌ إلا كرسي أوضع، لِعَمْرٍو، فَجَاءَ عَمْرٌو فَاسْتَأْذَنَ، فَأَذِنَ لَهُ، فَسَلَّمَ عَلَيْهِ ثُمَّ جَلَسَ عَلَى الْكُرْسِيِّ، فَقَالَ لَهُ مُعَاوِيَةُ: حَاجَتُكَ؟ قَالَ: فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمّ قَالَ: لَعَمْرِي لَقَدْ أَصْبَحَ يَزِيدُ بْنُ معاوية واسط الحسب في قريش، غني عن المال، غنى إلا، عَنْ كُلِّ خَيْرٍ، وَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: إِنَّ اللَّهَ- تعالى- لم يسترع عبد ارَعِيَّةً إِلَّا وَهُوَ سَائِلُهُ عَنْهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ، كَيْفَ صَنَعَ فِيهَا؟ وَإِنِّي أُذَكِّرُكَ اللَّهَ يَا مُعَاوِيَةُ فِي أُمَّةِ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من يستخلف عليها؟ قال: فأخذ معاوية ربوة، وَنَفَسَ فِي غَدَاةِ قرٍ حَتَّى عَرِقَ، وَجَعَلَ يَمْسَحُ الْعَرَقَ عَنْ وَجْهِهِ مَلِيًّا، ثُمَّ أَفَاقَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بعد، فإنك امرؤ ناصح، قلت برأيك بالغ مَا بَلَغَ، وَأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ إِلَّا ابْنِي وأبناؤهم، فابني أحق من أبنائهم، حاجتك؟ قال: لمالي حاجة. قال أثم، قال لَهُ أَخُوهُ: إِنَّمَا جِئْنَا مِنَ الْمَدِينَةِ نَضْرِبُ أكبادها مِنْ أَجْلِ كَلِمَاتٍ؟! قَالَ: مَا جِئْتَ إِلَّا لِكَلِمَاتٍ. قَالَ: فَأَمَرَ لَهُمْ بِجَوَائِزِهِمْ، وَخَرَّجَ لِعَمْرٍو (مثليه) ".
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute