أَخَذْتُهُ. قَالَ: ثُمَّ أَخَذَ بِرَأْسِ الْجَمَلِ حَتَّى دَخَلَ الْمَدِينَةَ فَتَوَارَى عَنَّا، فَتَلَاوَمْنَا بَيْنَنَا، قُلْنَا: أعطيتم جملكم رجلا لا تعرفونه! قال الظَّعِينَةُ: لَا تَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ، فَلَقَدْ رَأَيْتُ وَجْهًا مَا كَانَ لِيَخْفِرَكُمْ مَا رَأَيْتُ رَجُلًا أَشْبَهُ بِالْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ مِنْ وَجْهِهِ. قَالَ: فَلَمَّا كَانَ الْعَشَاءُ أَتَى رَجُلٌ فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ، إِنِّي رَسُولُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَيْكُمْ، وَإِنَّهُ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا حَتَّى تَشْبَعُوا، وَتَكْتَالُوا حَتَّى تَسْتَوْفُوا. فَأَكَلْنَا حَتَّى شَبِعْنَا، وأكلنا حَتَّى اسْتَوْفَيْنَا، قَالَ: فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ دَخَلْنَا الْمَدِينَةَ، فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَائِمٌ عَلَى الْمِنْبَرِ يَخْطُبُ النَّاسَ، وَهُوَ يَقُولُ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، يَدُ الْمُعْطِي العليا، وابدأ بمن تعول: أمك وأبا ك، وَأُخْتَكَ وَأَخَاكَ، ثُمَّ أَدْنَاكَ أَدْنَاكَ. فَقَامَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَؤُلَاءِ بَنُو ثعلبة من يَرْبُوعَ الَّذِينَ قَتَلُوا فُلَانًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَخُذْ لنا بثأرنا. قال: فرفع يده حَتَّى رَأَيْتُ بَيَاضَ إِبْطَيْهِ. فَقَالَ: أَلَا لَا تَجْنِي أُمٌّ عَلَى وَلَدٍ، أَلَا لَا (تَجْنِي أُمٌّ) عَلَى وَلَدٍ، أَلَا لَا (تَجْنِي أُمٌّ) عَلَى وَلَدٍ".
٤٥٢٢ / ٢ - رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى الْمَوْصِلِيُّ: ثنا زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى الْوَاسِطِيُّ، ثنا سِنَانُ بْنُ هَارُونَ- أَخُو سَيْفِ بْنِ هَارُونَ- عَنْ يَزِيدَ بن زِيَادِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، حَدَّثَنِي أَبُو صَخْرٍ جَامِعُ بْنُ شَدَّادٍ قَالَ: قَالَ رَجُلٌ مِنَّا يُقَالُ لَهُ طَارِقٌ: "رَأَيْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَرَّتَيْنِ، أَمَّا مَرَّةٌ فَرَأَيْتُهُ بِسُوقِ ذِي الْمَجَازِ وَهُوَ عَلَى دَابَّةٍ وَقَدْ دَمِيَا عَرْقُوبَاهُ وَهُوَ يَقُولُ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، قُولُوا: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ تُفْلِحُوا. وَرَجُلٌ مِنْ خَلْفِهِ يَرْمِيهِ بِالْحِجَارَةِ وَيَقُولُ: هَذَا الْكَذَّابُ فَلَا تَسْمَعُوا مِنْهُ. فَسَأَلْتُ عَنْهُ فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ فَقِيلَ: أَمَّا الْمُقَدَّمُ فَمُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَمَّا الَّذِي خَلْفَهُ فَأَبُو لَهَبٍ عَمُّهُ يَرْمِيهِ. ثُمَّ قَدِمْنَا بَعْدَ ذَلِكَ فَنَزَلْنَا الْمَدِينَةَ، فَخَرَجَ عَلَيْنَا رَجُلٌ فَقَالَ: مِنْ أَيْنَ أَقْبَلْتُمْ؟ قَالَ: قُلْنَا: مِنَ الرُّبْذَةِ وَمِنْ حَوَالَيْهَا. قَالَ: مَعَكُمْ شَيْءٌ تَبِيعُونَهُ؟ قَالَ: قُلْنَا: نَعَمْ، هَذَا الْبَعِيرُ. قَالَ: بِكَمْ؟ قُلْنَا: بِكَذَا وَكَذَا وَسَقًا مِنْ تَمْرٍ. فَأَخَذَ بِخُطَامِهِ يَجُرُّهُ ثُمَّ دَخَلَ بِهِ الْمَدِينَةَ، فَقُلْتُ: أَيُّ شَيْءٍ صَنَعْنَا! بِعْنَا بَعِيرًا مِنْ رَجُلٍ لَا نَعْرِفُهُ، قَالَ: وَمَعَنَا ظَعِينَةٌ فِي جَانِبِ الْخِبَاءِ فَقَالَتْ: أَنَا ضَامِنَةٌ ثَمَنَ الْبَعِيرِ، لَقَدْ رَأَيْتُ وَجْهَ رَجُلٍ مِثْلَ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ، لَا يَخِيسُ بِكُمْ. فَلَمَّا أَصْبَحْنَا أَتَى رَجُلٌ وَمَعَهُ تَمْرٌ فَقَالَ: أَنَا رَسُولُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَيْكُمْ: أَنْ تَأْكُلُوا مِنَ التَّمْرِ حَتَّى تَشْبَعُوا، وَأَنْ تَكْتَالُوا حَتَّى تَسْتَوْفُوا. قَالَ: فَفَعَلْنَا ثُمَّ دَخَلْنَا الْمَدِينَةَ، فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى الْمِنْبَرِ وَهُوَ يَقُولُ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، الْيَدُ الْعُلْيَا ... " فَذَكَرَهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute