بَعْضَهُمْ خَرَجُوا مِنْ بَرَانِسِهِمْ وَقَالُوا: تُرْسِلُ إِلَى رَجُلٍ مِنَ الْعَرَبِ جَاءَ فِي (بُرْدَتِهِ وَنَعْلِهِ) بِالْخِرَاجِ! فَقَالَ: اسْكُتُوا، فَإِنَّمَا أَرَدْتُ أَنْ أَعْلَمَ تَمَسُّكَكُمْ بِدِينِكُمْ وَرَغْبَتَكُمْ فِيهِ. ثُمَّ قَالَ: ابْتَغُوا لي رجلاً. فَجَاءُوا بِي، فَكَتَبَ مَعِي إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى الله عليه وسلم - كتابا وقال: انْظُرْ مَا سَقَطَ عَنْكَ مِنْ قَوْلِهِ، وَلَا يَسْقُطَنَّ عَنْكَ ذِكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ. قَالَ: فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وهو مَعَ أَصْحَابِهِ وَهُمْ مُحْتَبُونَ بِحَمَائِلِ سُيُوفِهِمْ حَوْلَ بِئْرٍ بِتَبُوكَ، فَقُلْتُ: أَيُّكُمْ مُحَمَّدٌ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟ فَأَوْمَأَ بِيَدِهِ إِلَى نَفْسِهِ، فَدَفَعْتُ إِلَيْهِ الْكِتَابَ، فَدَفَعَهُ إِلَى رَجُلٍ إِلَى جَنْبِهِ، فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ قَالُوا: مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سفيان. فقرأ فَإِذَا فِيهِ: كَتَبْتَ تَدْعُو إِلَى جَنَّةٍ عَرْضُهَا السموات وَالْأَرْضُ، فَأَيْنَ النَّارُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: يَا سُبْحَانَ اللَّهِ، إِذَا جَاءَ اللَّيْلُ فَأَيْنَ النَّهَارُ؟! فَكَتَبْتُهُ عِنْدِي، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: إِنَّكَ رَسُولُ قَوْمٍ، وَإِنَّ لَكَ حَقًّا، وَلَكِنْ جِئْتَنَا وَنَحْنُ مُرْمِلُونَ، فَقَالَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ: أَنَا أَكْسُوهُ حُلَّةً صَفُورِيَّةً. فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ: عليَّ ضِيَافَتُهُ. وَقَالَ لِي قَيْصَرُ فِيمَا قَالَ: أَنْظُرُ إِلَى ظَهْرِهِ فَرَأَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِنِّي أُرِيدُ النَّظَرَ إِلَى ظَهْرِهِ، فَأَلْقَى ثَوْبَهُ عَنْ ظَهْرِهِ، فَنَظَرْتُ إِلَى الخاتم في (نغص) الْكَتِفِ، فَأَقْبَلْتُ عَلَيْهِ أُقَبِّلُهُ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم -: كَتَبْتُ إِلَى النَّجَاشِيِّ فَأَحْرَقَ كِتَابِي وَاللَّهُ مُحْرِقُهُ، وَكَتَبْتُ إِلَى كِسْرَى عَظِيمِ فَارِسٍ فَمَزَّقَ كِتَابِي وَاللَّهُ مُمَزِّقُهُ، وَكَتَبْتُ إِلَى قَيْصَرَ فَرَفَعَ كَتَابِي، فلا يزال في الناس ذكر كلمه مَا كَانَ فِي الْعَيْشِ خَيْرٌ".
٤٦٥٠ / ٣ - وَرَوَاهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: ثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ عِيسَى، حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ (سُلَيْمٍ) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي رَاشِدٍ قَالَ: "لَقِيتُ التَّنُوخِيَّ رَسُولَ هِرْقَلَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِحْمِصٍ، وَكَانَ جَارًا لِي شَيْخًا كَبِيرًا قَدْ بَلَغَ الفند أَوْ قَرُبَ، فَقُلْتُ: أَلَا تُخْبِرُنِي عَنْ رِسَالَةِ هَِرَقْلَ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَرِسَالَةُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى هِرَقْلَ؟ قَالَ: بَلَى، قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَبُوكَ فَبَعَثَ دِحْيَةَ الْكَلْبِيَّ إِلَى هِرَقْلَ، فَلَمَّا أَنْ جَاءَ كِتَابُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَعَا قسيسي الرُّومِ وَبَطَارِقَتَهَا، ثُمَّ أَغْلَقَ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمُ الدَّارَ، فَقَالَ: قَدْ نَزَلَ هَذَا الرَّجُلُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute