للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مِنْ ذَلِكَ مِنْ مَتَاعٍ أَوْ حِلْيَةٍ أَنْ يَقْذِفُوهُ فِي ذَلِكَ الْحَفِيرِ، ثُمَّ أَوْقَدَ عَلَيْهِ النَّارَ فَأَحْرَقَهُ فَقَالَ: لَا يَكُونُ لَنَا وَلَا لَهُمْ. وَكَانَ السَّامِرِيُّ رَجُلٌ مِنْ قَوْمٍ يَعْبُدُونَ الْبَقَرَ جِيرَانٍ لَهُمْ، وَلَمْ يَكُنْ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ، فَاحْتَمَلَ مَعَ مُوسَى- عَلَيْهِ السَّلَامُ- وَبَنِي إِسْرَائِيلَ حِينَ احْتَمَلُوا، فَقَضَى لَهُ أَنْ رَأَى أَثَرًا، فَأَخَذَ مِنْهُ بِقَبْضَتِهِ، فَمَرَّ بِهَارُونَ، فَقَالَ لَهُ هَارُونُ- عَلَيْهِ السَّلَامُ- يَا سَامِرِيُّ أَلَا تُلْقِي مَا فِي يَدَيْكَ؟ وَهُوَ قَابِضٌ عَلَيْهِ لَا يَرَاهُ أَحَدٌ طَوَالَ ذَلِكَ. فَقَالَ: هَذِهِ قَبْضَةٌ مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ الَّذِي جَاوَزَ بِكُمُ البحر ولا ألقيها، لشيء إِلَّا أَنْ تَدْعُوَ اللَّهَ إِذَا أَلْقَيْتُهَا أَنْ يكون ما أريد، فألقاه ودعا له هارون- عليه السلام-. فقال: أريد أن تكون عِجْلًا، وَاجْتَمَعَ مَا كَانَ فِي الْحُفْرَةِ مِنْ متاع أَوْ حِلْيَةٍ أَوْ نُحَاسٍ أَوْ حَدِيدٍ فَصَارَ عِجْلا أَجْوَفَ لَيْسَ فِيهِ رُوحٌ لَهُ خُوَارٌ- قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَا وَاللَّهِ مَا كَانَ لَهُ صَوْتٌ قَطُّ، إِنَّمَا كَانَتِ الرِّيحُ تَدْخُلُ من دبره وتخرج من فيه، فَكَانَ ذَلِكَ الصَّوْتُ مِنْ ذَلِكَ- فَتَفَرَّقَ بَنُو إِسْرَائِيلَ فِرَقًا. فَقَالَتْ فِرْقَةٌ: يَا سَامِرِيُّ، مَا هَذَا فَأَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ؟ قَالَ: هَذَا رَبُّكُمْ- عَزَّ وَجَلَّ- وَلَكِنَّ مُوسَى- عَلَيْهِ السَّلَامُ- أَضَلَّ الطريق. وقالت فرقة: لا نكذب بهذا، حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنَا مُوسَى، فَإِنْ كَانَ رَبَّنَا الم نكن ضيعناه، وَعَجَزْنَا فِيهِ حَتَّى رَأَيْنَاهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ رَبَّنَا فَإِنَّا نَتَّبِعُ قَوْلَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ. وقالت فرقة: هذا عمل الشَّيْطَانِ، وَلَيْسَ بِرَبِّنَا، وَلَا نُؤْمِنُ وَلَا نُصَدِّقُ، وَأُشْرِبَ فِرْقَةٌ فِي قُلُوبِهِمُ التَّصْدِيقُ بِمَا قَالَ السَّامِرِيُّ فِي الْعِجْلِ، وَأَعْلَنُوا التَّكْذِيبَ، فَقَالَ لَهُمْ هَارُونُ- عَلَيْهِ السَّلَامُ- يَا قَوْمُ إِنَّمَا فُتِنْتُمْ بِهِ وَإِنَّ رَبَّكُمْ لَيْسَ هَكَذَا. قَالُوا: فَمَا بَالُ مُوسَى- عَلَيْهِ السَّلَامُ- وَعَدَنَا ثَلَاثِينَ يَوْمًا ثُمَّ أَخْلَفَنَا، فَهَذِهِ أَرْبَعُونَ قَدْ مَضَتْ. فَقَالَ سُفَهَاؤُهُمْ: أَخْطَأَ رَبُّهُ فَهُوَ يَطْلُبُهُ وَيَتَّبِعُهُ. فَلَمَّا كَلَّمَ اللَّهُ- عَزَّ وَجَلَّ- مُوسَى- عَلَيْهِ السَّلَامُ- وَقَالَ لَهُ مَا قَالَ، أَخْبَرَهُ بِمَا لَقِيَ قَوْمُهُ بَعْدَهُ فَرَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا وَقَالَ لَهُمْ مَا سَمِعْتُمْ فِي الْقُرْآنِ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ وَأَلْقَي الْأَلْوَاحَ مِنَ الْغَضَبِ، ثُمَّ عَذَرَ أَخَاهَ بِعُذْرِهِ، وَاسْتَغْفَرَ لَهُ، وَانْصَرَفَ إِلَى السَّامِرِيِّ، فَقَالَ لَهُ: مَا حَمَلَكَ عَلَى مَا صَنَعْتَ؟ قَالَ: قَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ، وَفَطِنْتُ لَهَا وَعُمَّتْ عَلَيْكُمْ فَقَذَفْتُهَا وَكَذَلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي (قَالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَيَاةِ أَنْ تَقُولَ لا مِسَاسَ وَإِنَّ لَكَ مَوْعِدًا لَنْ تُخْلَفَهُ وَانْظُرْ إِلَى إِلَهِكَ)

إلى قوله: (نسفاً) ولو كان إلهاً لم تخلص إِلَى ذَلِكَ مِنْهُ، فَاسْتَيْقَنَ بَنُو إِسْرَائِيلَ بِالْفِتْنَةِ، وَاغْتَبَطَ الَّذِينَ كَانَ رَأْيُهُمْ فِيهِ مِثْلَ رَأْيِ هَارُونَ- عَلَيْهِ السَّلَامُ- فَقَالُوا بِجِمَاعَتِهِمْ لِمُوسَى- عَلَيْهِ السَّلَامُ-: سَلْ لَنَا رَبَّكَ- عَزَّ وَجَلَّ-

<<  <  ج: ص:  >  >>