وَسِعَ النَّاسَ كُلَّهُمْ عَدْلُهُ غَيْرِي. فَأَضْمَرَ عَلَى قَتْلِهِ فَاصْطَنَعَ خِنْجَرًا لَهُ رَأْسَانِ وَشَحَذَهُ وَسَمَّهُ ثُمَّ أَتَى بِهِ الْهُرْمُزَانَ فَقَالَ: كَيْفَ تَرَى فِي هَذَا؟ قَالَ: أَرَى أَنَّكَ لَا تَضْرِبُ بِهِ أَحَدًا إِلَّا قَتَلْتَهُ. قَالَ: فَتَحَيَّنَ أَبُو لُؤْلُؤَةَ فَجَاءَ فِي صَلَاةِ الْغَدَاةِ حَتَّى قَامَ وَرَاءَ عُمَرَ وَكَانَ عُمَرُ إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَتَكَلَّمَ يَقُولُ: أَقِيمُوا صُفُوفَكُمْ. كَمَا كَانَ يَقُولُ فَلَمَّا كَبَّرَ وَجَأَهُ أَبُو لُؤْلُؤَةَ فِي كَتِفِهِ وَوَجَأَهُ فِي خَاصِرَتِهِ فَسَقَطَ عُمَرُ وَطَعَنَ بِخِنْجَرِهِ ثَلَاثَةَ عَشَرَ رَجُلًا فَهَلَكَ منهم سبعة وأفرق مِنْهُمْ سِتَّةٌ وَحُمِلَ عُمَرُ فَذُهِبَ بِهِ إِلَى مَنْزِلِهِ وَصَاحَ النَّاسُ حَتَّى كَادَتِ الشَّمْسُ تَطْلُعُ فنادى عبد الرحمن بن عوف: ياأيها النَّاسُ الصَّلَاةَ الصَّلَاةَ الصَّلَاةَ. وَفَزِعُوا إِلَى الصَّلَاةِ فَتَقَدَّمَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ فَصَلَّى بِهِمْ بِأَقْصَرِ سُورَتَيْنِ مِنَ الْقُرْآنِ فَلَمَّا قَضَى الصَّلَاةَ تَوَجَّهُوا إِلَى عُمَرَ فَدَعَا بِشَرَابٍ لِيَنْظُرَ مَا قَدْرُ جُرْحِهِ فَأُتِيَ بِنَبِيذٍ فَشَرِبَهُ فَخَرَجَ مِنْ جُرْحِهِ فَلَمْ يَدْرِ أَنَبِيذٌ هُوَ أَمْ دَمٌ فَدَعَا بِلَبَنٍ فَشَرِبَهُ فَخَرَجَ مِنْ جُرْحِهِ فَقَالُوا: لا بأس عليك يأمير الْمُؤْمِنِينَ. فَقَالَ: إِنْ يَكُنِ الْقَتْلُ بَأْسًا فَقَدْ قُتِلْتُ فَجَعَلَ النَّاسُ يُثْنُونَ عَلَيْهِ يَقُولُونَ: جَزَاكَ اللَّهُ خَيْرًا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ كُنْتَ وَكُنْتَ. ثُمَّ يَنْصَرِفُونَ وَيَجِيءُ قَوْمٌ آخَرُونَ: فَيُثْنُونَ عَلَيْهِ فقال عمر: أما والله على ما تقولون وددت أني خَرَجْتُ مِنْهَا كَفَافًا لَا عَلَيَّ وَلَا لِيَ وَأَنَّ صُحْبَةَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَلِمَتْ لِي. فَتَكَلَّمَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ فَقَالَ: لَا وَاللَّهِ لَا تَخْرُجُ مِنْهَا كَفَافًا لَقَدْ صَحِبْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَصَحِبْتَهُ خَيْرَ مَا صَحِبَهُ صَاحِبٌ كنت له وكنت لَهُ وَكُنْتَ لَهُ حَتَّى قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ عَنْكَ رَاضٍ ثُمَّ صَحِبْتَ خَلِيفَةَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ وُلِّيتَهَا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أنت فوليتها بخير ما وليها قال كُنْتَ تَفْعَلُ وَكُنْتَ تَفْعَلُ. فَكَانَ عُمَرُ يَسْتَرِيحُ إِلَى حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ فَقَالَ عُمَرُ: كَرِّرْ عَلَيَّ حَدِيثَكَ. فَكَرَّرَ عَلَيْهِ فَقَالَ عُمَرُ: أَمَا وَاللَّهِ عَلَى مَا تَقُولُ لَوْ أَنَّ لِي طِلَاعُ الْأَرْضِ ذَهَبًا لَافْتَدَيْتُ بُهُ الْيَوْمَ مِنْ هَوْلِ الْمَطْلَعِ قَدْ جَعَلْتُهَا شُورَى فِي سِتَّةٍ: عُثْمَانَ وَعَلِيٍّ وَطَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ وَالزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ وَسَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ. وَجَعَلَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عمر معهم مشيرًا وليس هو منهم وأجلهم ثلاثًا وأمر صهيب أَنْ يُصَلِّيَ بِالنَّاسِ ".
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute