الذين مضوا قبلهم، ولا انتقصوا المكيال والميزان إلا أخذوا بالسنين وشدة المؤنة وجور السلطان عليهم، ولم يمنعوا زكاة أموالهم إلا منعوا القطر من السماء، ولولا البهائم لم يمطروا، ولم ينقضوا عهد الله وعهد رسوله إلا سلط الله عليهم عدوًّا من غيرهم فأخذ بعض ما في أيديهم، وما لم تحكم أئمتهم بماأنزل الله وتخيروا فيما أنزل الله- عز وجل- إلا جعل الله بأسهم بينهم. ثم أمر نبي الله - صلى الله عليه وسلم - عبد الرحمن بن عوف أن يتجهز، السرية يبعثه عليها، فأصبح عبد الرحمن وقد اعتم بعمامة كرابيس سوداء فنقضها النبي - صلى الله عليه وسلم - وعممه وأرخى من خلفه أربع أصابع، أو قريب من شبر، ثم قال: هكذا فاعتم يا ابن عوف فإنه أعرف وأحسن. ثم أمر بلالا فرفع إليه اللواء فعقده ثم قال: خذ يا ابن عوف فسم الله، واغزوا في سبيل الله، فقاتلوا من كفر بالله، لَا تَغْلُوا، وَلَا تَغْدُرُوا، وَلَا تُمَثِّلُوا، وَلَا تقتلوا (دابة) فهذا عهد الله فيكم وسنة رسوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى بسند رواته ثقات، وابن أبي الدنيا والطبراني في الصغير والبيهقي في الزهد ورواه الترمذي وحسنه وابن ماجه مختصرًا، ولقصة الزكاة شَاهِدٌ مِنْ حَدِيثِ بُرَيْدَةَ بْنِ الْحَصِيبِ وَتَقَدَّمَ في أول كتاب الزكاة، ولقصة العمامة شَاهِدٌ مِنْ حَدِيثِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وتقدم في كتاب اللباس.
٧٢٩٨ - وعنه قَالَ:" خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَاتَ يوم إلى المسجد، وإذا قوم يتحدثون قد علا ضحكهم حديثهم فوقف فسلم فقال: اذكروا هادم اللذات الموت. وخرج بعد ذلك خرجة أخرى، فإذا قوم يتحدثون ويضحكون فقال: أما والذي نفسي بيده لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلًا وَلَبَكَيْتُمْ كثيرًا. قال: وخرج أيضًا فإذا قوم يتحدثون ويضحكون فسلم، ثم قال: إن الإسلام بدأ غريبًا وسيعود غريبًا فطوبى للغرباء يوم القيامة. قيل له: ومن الغرباء يا رسول الله؟ قال: الذين إذا فسد الناس صلحوا".
رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى الْمَوْصِلِيُّ بِسَنَدٍ فِيهِ كَوْثَرُ بن حكيم، وهو ضعيف.