فَجِئْتُهَا فَأَخْبَرْتُهَا الْخَبَرَ، فَقَالَتْ: هَذَا رِزْقٌ مِنِ اللَّهِ- عَزَّ وَجَلَّ- فَاذْهَبْ بِهِ فَارْهَنْهُ بِثَمَانِيَةِ قَراريط ذَهَبٍ فِي لَحْمٍ، فَفَعَلْتُ ثُمَّ جِئْتُهَا بِهِ، فَقَطَّعْتُهُ لَهَا وَنَصَبْتُ، ثُمَّ عَجَنَتْ وَخَبَزَتْ، ثُمَّ صَنَعْنَا طَعَامًا وَأَرْسَلْنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَجَاءَنَا، فَلَمَّا رَأَى الطَّعَامَ قَالَ: مَا هَذَا، أَلَمْ تَأْتِنِي آنِفًا تَسْأَلُنِي؟! فَقُلْنَا: بَلَى، اجْلِسْ يَا رَسُولَ اللَّهِ تُخْبَرُ الْخَبَرَ فَإِنْ رَأَيْتَهُ طَيِّبًا أَكَلْتَ وَأَكَلْنَا، فَأَخْبَرْنَاهُ الْخَبَرَ فَقَالَ: هُوَ طَيِّبٌ، فَكُلُوا بِسْمِ اللَّهِ. ثُمَّ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَخَرَجَ، فَإِذَا هُوَ بِأَعْرَابِيَّةٍ تَشْتَدُّ كَأَنَّهُ نُزِعَ فُؤَادُهَا، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي أَبْضَعُ مَعِي بِدِينَارٍ فَسَقَطَ مِنِّي، وَاللَّهِ مَا أَدْرِي أَيْنَ سَقَطَ؟ فَانْظُرْ بِأَبِي وَأُمِّي أين يُذْكَرَ لَكَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ادعي لِي عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ. فَجِئْتُهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: اذْهَبْ إِلَى الجَّزَّارِ، فَقُلْ لَهُ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ لَكَ: إِنَّ قراريطك علي، فأرسل بالدنيار. فَأَرْسَلَ بِهِ فَأَعْطَاهُ الْأَعْرَابِيَّةَ فَذَهَبَتْ ".
رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ أَبِي عُمَرَ.
٧٣٣٨ - وَإِسْحَاقُ بْنُ راهويه وأبو يعلى الموصلي ولفظهما: عن محمد بن كَعْبٍ قَالَ: حَدَّثَنِي مَنْ سَمِعَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ يُحَدِّثُ قَالَ: " خَرَجْتُ فِي غَدَاةٍ شاتية مِنْ بَيْتِيَ جَائِعًا إِذْ لَقِيَنِي الْبَرْدُ فَأَخَذْتُ إهابًا معلوفاً قد كان عندنا فجئته، ثُمَّ أَدْخَلْتُهُ فِي عُنُقِي، ثُمَّ حَزَمْتُهُ عَلَى صَدْرِي أَسْتَدْفِئُ بِهِ، وَاللَّهِ مَا بَقِيَ فِي بيتي شيء آكل منه، ولوكان فِي بَيْتِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شَيْءٌ لَبَلَغَنِي، فَخَرَجْتُ فِي بَعْضِ نَوَاحِيَ الْمَدِينَةِ، فَاطَّلَعْتُ إِلَى يَهُودِيٍّ فِي حَائِطِهِ مِنْ ثَغْرَةِ جِدَارِهِ، فَقَالَ: مَا لَكَ يَا أَعْرَابِيُّ؟ هَلْ لك في كل دلو بتمرة؟ قال: نعم، فافتتح الْحَائِطَ، فَفَتَحَ لِي، فَدَخَلْتُ فَجَعَلْتُ أَنْزَعَ دَلْوًا وَيُعْطِيَنِي تَمْرَةً حَتَّى إِذَا امْتَلَأَتْ كَفِّي قُلْتُ: حسبي منك الآن، فأكلتهن ثم كرعت من الْمَاءِ، ثُمَّ جِئْتُ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَجَلَسْتُ إِلَيْهِ فِي الْمَسْجِدِ وَهُوَ فِي عِصَابَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَاطَّلَعَ عَلَيْنَا مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ فِي بُرْدَةٍ لَهُ مَرْقُوعَةٍ بِفَرْوَةٍ وكان أنعم غلمان مكة وأرفهه عَيْشًا، فَلَمَّا رَآهُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَكَرَ مَا كَانَ فِيهِ مِنَ النعيم، ورأى حاله التي هوعليها فَذَرَفَتْ عَيْنَاهُ فَبَكَى، ثُمَّ قَالَ: كَيْفَ إِذَا غدا أَحَدُكُمْ فِي حُلَّةٍ وَرَاحَ فِي أُخْرَى، وَسَتَرْتُمْ بُيُوتَكُمْ كَمَا تُسْتَرُ الْكَعْبَةَ؟ قُلْنَا: نَحْنُ يَوْمئِذٍ خَيْرٌ نُكْفَى الْمَؤُنَةَ، وَنَتَفَرَّغُ لِلْعِبَادَةِ، قَالَ: أَنْتُمُ الْيَوْمَ خَيْرٌ مِنْكُمْ يَوْمئِذٍ ".
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute