اصْطَفَاكَ اللَّهُ وَاسْتَجَابَ لَكَ فِي دُعَائِكَ فَلَمْ يَدَعْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا. فَيَقُولُ: لَيْسَ ذَاكُمْ عِنْدِيَ، انْطَلِقُوا إِلَى إِبْرَاهِيمَ؟ فَإِنَّ اللَّهَ اتَّخَذَهُ خَلِيلًا. قَالَ: فَيَأْتُونَ إِبْرَاهِيمَ فَيَقُولُ: لست ذَاكُمْ عِنْدِيَ انْطَلِقُوا إِلَى مُوسَى؟ فَإِنَّ اللَّهَ كلمه تكليماً. فيقول موسى: لست ذَاكُمْ عِنْدِيَ، وَلَكِنِ انْطَلِقُوا إِلَى عِيسَى ابْنِ مريم؟ فإنه يُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَيُحْيِي الْمَوْتَى، فَيَقُولُ عِيسَى: لست ذَاكُمْ عِنْدِي، وَلَكِنِ انْطَلِقُوا إِلَى سَيِّدِ وَلَدِ آدَمَ؟ فَإِنَّهُ أَوَّلُ مَنْ تَنْشَقُّ عَنْهُ الْأَرْضُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، انْطَلِقُوا إِلَى مُحَمَّدٍ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -فَلْيَشْفَعْ لَكُمْ إِلَى رَبِّكُمْ. قَالَ: فينطلق فَيَأْتِي جِبْرِيلُ رَبَّهُ، فَيَقُولُ: ائْذَنْ لَهُ وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ. قَالَ: فَيَنْطَلِقُ بِهِ جِبْرِيلُ فَيَخِرُّ سَاجِدًا قَدْرَ جُمُعَةٍ، ثُمَّ يَقُولُ اللَّهُ- عَزَّ وَجَلَّ-: يا محمد، ارفع رأسك وقل يسمع، واشفع أتشفع قَالَ: فَيَرْفَعُ رَأْسَهُ فَإِذَا نَظَرَ إِلَى رَبِّهِ خَرَّ سَاجِدًا قَدْرَ جُمُعَةٍ أُخْرَى، فَيَقُولُ اللَّهُ- عَزَّ وَجَلَّ-: يَا مُحَمَّدُ، ارْفَعْ رَأْسَكَ وَقُلْ يسمع، وَاشْفَعْ تُشَفَّعُ، قَالَ: فَيَذْهَبُ لِيَقَعَ سَاجدًا فَيَأْخُذُ جِبْرِيلُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ- بِضِبْعَيْهِ. قَالَ: فَيَفْتَحُ اللَّهُ- تعالى- عليه من الدعاء ما لم يفتحه عَلَى بَشَرٍ قَطُّ، فَيَقُولُ: أَيْ رَبِّ، جَعَلْتَنِي سَيِّدَ وَلَدِ آدَمَ وَلَا فَخْرَ، وَأَوَّلُ مَنْ تَنْشَقُّ عَنْهُ الْأَرْضُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا فَخْرٌ، حَتَّى إِنَّهُ لَيَرِدُ عَلَيَّ الْحَوْضَ أَكْثَرَ مِمَّا بين صنعاء وأيلة، ثم يقال: ادْعُ الصِّدِّيقِينَ فَيَشْفَعُوا، ثُمَّ يُقَالَ: ادْعُ الْأَنْبِيَاءَ. فيجيء النَّبِيُّ وَمَعَهُ الْعِصَابَةُ، وَالنَّبِيُّ وَمَعَهُ الْخَمْسَةُ وَالسِّتَّةُ، وَالنَّبِيُّ وَلَيْسَ مَعَهُ أَحَدٌ، ثُمَّ يُقَالُ؟ ادْعُ الشُّهَدَاءُ فَلْيَشْفَعُوا لِمَنْ أَرَادُوا. فَإِذَا فَعَلَتِ الشُّهَدَاءُ ذَلِكَ، يَقُولُ اللَّهُ- تَبَارَكَ وَتَعَالَى-: أَنَا أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ، أَدْخِلُوا جَنَّتِيَ مَنْ كَانَ لَا يُشْرِكُ بِي شَيْئًا قَالَ: فَيَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ ثُمَّ يَقُولُ اللَّهُ- تَبَارَكَ وَتَعَالَى: انْظُرُوا فِي النَّارِ هَلْ تَلْقَونَ فِيهَا أَحَدًا عَمِلَ خَيْرًا قَطُّ. قَالَ: فَيَجِدُونَ فِي النَّارِ رَجُلًا، فَيُقَالُ له: هَلْ عَمِلْتَ خَيْرًا قَطُّ؟ فَيَقُولُ: لَا، غَيْرَ أَنِّي كُنْتُ أُسَامِحَ النَّاسَ فِي الْبَيْعِ. فَيَقُولُ اللَّهُ: اسْمَحُوا لِعَبْدِي كَإِسْمَاحِهِ لِعِبَادِيَ، ثُمَّ يُخْرِجُونَ مِنَ النار رجلا فيقال له: هل عملت خيرا قَطُّ؟ قَالَ: فَيَقُولُ: لَا، غَيْرَ أَنِّي أَمَرْتُ وُلْدِي إِذَا مِتُّ فَأَحْرِقُونِيَ بِالنَّارِ ثُمَّ اطْحَنُونِيَ حَتَّى إِذَا كُنْتُ مِثْلَ الْكُحْلِ فَاذْهَبُوا بِيَ إِلَى الْبَحْرِ فَاذْرُونِيَ فِي الرِّيحِ، فَوَاللَّهِ لَا يقدر علي رب العالمين أبدًا. قال: فقال اللَّهُ لَهُ: لِمَ فَعَلْتَ ذَلِكَ؟ قَالَ: مِنْ مَخَافَتِكَ. قَالَ: فَيَقُولُ اللَّهُ: انْظُرُوا إِلَى مُلْكِ أَعْظَمَ مَلِكٍ فَإِنَّ لَكَ مِثْلَهُ وَعَشْرَةُ أَمْثَالِهِ. قَالَ: فَيَقُولُ: لِمَ تَسْخَرُ بِي وَأَنْتَ الْمَلِكُ؟ قَالَ: فَيَضْحَكُ اللَّهُ- عَزَّ وَجَلَّ- فَذَلِكَ الَّذِي ضَحِكْتُ مِنْهُ مِنَ الضُّحَى".
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute