للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ذَرَفَتْ مِنْهَا الْعُيُونُ، وَوَجِلَتْ مِنْهَا الْقُلُوبُ، وَتَقَشْعَرَتْ مِنْهَا الْجُلُودُ، وَتَقَلْقَلَتْ مِنْهَا الْأَحْشَاءُ، أَمَرَ بِلَالًا فَنَادَى الصلاةٍ جَامِعَةٍ قَبْلَ أَنْ يَتَكَلَّمَ، فَاجْتَمَعَ الناس إليه، فارتقى المنبر فقال: يا أَيُّهَا النَّاسُ، ادْنُوا وَأَوْسِعُوا لِمَنْ خَلْفَكُمْ- ثَلَاثَ مَرَّاتٍ- فَدَنَا النَّاسُ وَانْضَمَّ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ، والتفتوا فلم يروا أحدا، ثم قال: ادنوا وَأَوْسِعُوا لِمَنْ خَلْفَكُمْ. فَدَنَا النَّاسُ وَانْضَمَّ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ وَالْتَفَتُوا فَلَمْ يَرَوْا أَحَدًا، ثمّ قال: ادنوا وأوسعوا لمن خلفكم. فدنوا وانضم بعضهم إلى بعض والتفتوا فلم يروا أحداً، فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ: لِمَنْ نُوَسِّعُ لِلْمَلَائِكَةِ؟ قَالَ: لَا، إِنَّهُمْ إِذَا كَانُوا مَعَكُمْ لَمْ يَكُونُوا بَيْنَ أيديكم ولا أخلفكم،) وَلَكِنْ عَنْ يَمِينِكُمْ وَشَمَائِلِكُمْ. فَقَالَ: وَلِمَ لَا يَكَونُونَ بَيْنَ أَيْدِينَا وَلَا خَلْفَنَا، أَهُمْ أَفْضَلُ مِنَّا؟ قَالَ: بَلْ أَنْتُمْ أَفْضَلُ مِنَ الْمَلَائِكَةِ، اجْلِسْ. فَجَلَسَ، ثُمَّ خَطَبَ فَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ أحمده وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ وَنُؤْمِنُ بِهِ وَنَتَوَكَّلُ عَلَيْهِ، وَنَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ.

أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّهُ كَائِنٌ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ ثَلَاثُونَ كَذَّابًا، أَوَّلُهُمْ صَاحِبُ الْيَمَامَةِ وَصَاحِبُ صَنْعَاءَ.

أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّهُ مَنْ لَقِيَ اللَّهَ وَهُوَ يَشْهَدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مُخْلِصًا دَخَلَ الْجَنَّةَ.

فَقَامَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فَقَالَ: بِأَبِي وَأُمِّي يَا رسول الله، كيف يخلص بها لا يفلح مَعَهَا غَيْرَهَا، بَينِّ لَنَا حَتَّى نَعْرِفَهُ؟ فَقَالَ: حِرْصًا عَلَى الدُّنْيَا وَجَمْعًا لَهَا مِنْ غَيْرِ حِلِّهَا وَرِضًا بِهَا، وَأَقْوَامٌ يَقُولُونَ أَقَاوِيلَ الْأَخْيَارِ، ويعملون عَمَلَ الْفُجَّارِ، فَمَنْ لَقِيَ اللَّهَ وَلَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ هَذِهِ الْخِصَالِ بِقَوْلِهِ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ، وَمَنِ اخْتَارَ الدُّنْيَا عَلَى الْآخِرَةِ فَلَهُ النَّارُ.

وَمَنْ تَوَلَّى خُصُومَةَ قَوْمٍ ظَلَمَةٍ أَوْ أَعَانَهُمْ عَلَيْهَا نَزَلَ بِهِ مَلَكُ الْمَوْتِ يُبَشِّرُهُ بِلَعْنَةٍ وَنَارٍ خَالِدًا فِيهَا وبئس المصير.

ومن خف لِسُلْطَانٍ جَائِرٍ فِي حَاجَةٍ فَهُوَ قَرِينُهُ فِي النَّارِ.

وَمَنْ دلَّ سُلْطَانًا عَلَى جَوْرٍ قُرِنَ مَعَ هَامَانَ فِي النَّارِ، وَكَانَ هُوَ وَذَلِكَ السُّلْطَانُ مِنْ أَشَدِّ النَّاسِ عَذَابًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>