بأكفان قبل أكفان بني آدم، وحنطوه قَبْلَ حَنُوطِ بَنِي آدَمَ، وَيَقُومُ مَنْ بَيْنِ بَابِ بَيْتِهِ إِلَى بَابِ قَبْرِهِ صفَّان مِنَ الْمَلَائِكَةِ يَسْتَقْبِلُونَهُ بِالِاسْتِغْفَارِ. قَالَ: فَيُصِيحُ عِنْدَ ذَلِكَ إِبْلِيسُ صَيْحَةً يَتَصَدَّعُ مِنْهَا بَعْضُ عِظَامِ جَسَدِهِ، وَيَقُولُ لِجُنُودِهِ: الْوَيْلُ لَكُمْ، كَيْفَ خَلُصَ هَذَا الْعَبْدُ مِنْكُمْ؟ قَالَ: فَيَقُولُونَ: إِنَّ هَذَا كَانَ عَبْدًا مَعْصُومًا. قَالَ: فَإِذَا صَعَدَ مَلَكُ الْمَوْتِ بِرُوحِهِ إِلَى السَّمَاءِ يَسْتَقْبِلُهُ جِبْرِيلُ- عَلَيْهِ السَّلَامُ- فِي سَبْعِينَ أَلْفًا مِنَ الْمَلَائِكَةِ، كُلُّ مَلَكٍ يَأْتِيهِ بِبِشَارَةٍ مِنْ رَبِّهِ سِوَى بِشَارَةِ صَاحِبِهِ. قَالَ: فَإِذَا انْتَهَى مَلَكُ الْمَوْتِ بِرُوحِهِ إِلَى الْعَرْشِ. قَالَ: خرَّ الرُّوحُ سَاجِدًا قَالَ: يَقُولُ اللَّهُ- تَبَارَكَ وَتَعَالَى- لِمَلَكِ الْمَوْتِ: انْطَلِقْ بِرُوحِ عَبْدِي هَذَا فَضَعْهُ فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ وَطَلْحٍ منضود وظل ممدود وماء مسكوب. قَالَ: فَإِذَا وُضِعَ فِي قَبْرِهِ جَاءَتْهُ الصَّلَاةُ فَكَانَتْ عَنْ يَمِينِهِ، وَجَاءَهُ الصِّيَامُ فَكَانَ عَنْ يَسَارِهِ، وَجَاءَهُ الْقُرْآنُ وَالذِّكْرُ. قَالَ: فَكَانَا عِنْدَ رَأْسِهِ، وَجَاءَهُ مَشْيُهُ إِلَى الصَّلَاةِ فَكَانَ عِنْدَ رِجْلَيْهِ، وَجَاءَهُ الصَّبْرُ فَكَانَ فِي نَاحِيَةِ الْقَبْرِ. قال: فيبعث الله- تبارك وتعالى- عنقًا من العذاب قَالَ: فَيَأْتِيهِ عَنْ يَمِينِهِ. قَالَ: فَتَقُولُ الصَّلَاةُ: وَرَاءَكَ وَاللَّهِ مَا زَالَ دَائِبًا عُمْرَهُ كُلَّهُ، وَإِنَّمَا اسْتَرَاحَ الْآنَ حِينَ وُضِعَ فِي قَبْرِهِ. قَالَ: فَيَأْتِيهِ عَنْ يَسَارِهِ فَيَقُولُ الصِّيَامُ مِثْلَ ذلك. قال: ثم يأتيه من عند رأسه. قال: فيقول القرآن والذكر مِثْلَ ذَلِكَ. قَالَ: ثُمَّ يَأْتِيهِ مِنْ عِنْدِ رِجْلَيْهِ فَيَقُولُ مَشْيُهُ إِلَى الصَّلَاةِ مِثْلَ ذَلِكَ. قَالَ: فَلَا يَأْتِيهِ الْعَذَابُ مِنْ نَاحِيَةٍ يَلْتَمِسُ هَلْ يَجِدُ إِلَيْهِ مَسَاغًا إِلَّا وَجَدَ وَلِيَّ اللَّهِ قَدْ أَخَذَ حَيْطَتَهُ. قَالَ: فَيَنْقَمِعُ الْعَذَابُ عِنْدَ ذَلِكَ فَيَخْرُجُ، قَالَ: وَيَقُولُ الصَّبْرُ لِسَائِرِ الْأَعْمَالِ: أَمَا إِنَّهُ لَمْ يَمْنَعْنِي أَنْ أُبَاشِرَ أَنَا بِنَفْسِي إِلَّا أَنِّي نَظَرْتُ مَا عِنْدَكُمْ فإن عجزتم كنت أنا صاحبه، فأما إذ أَجْزَأْتُمْ عَنْهُ فَأَنَا لَهُ ذُخْرٌ عِنْدَ الصِّرَاطِ وَالْمِيزَانِ. قَالَ: فَيَبْعَثُ اللَّهُ مَلَكَيْنِ أَبْصَارُهُمَا كَالْبَرْقِ الْخَاطِفِ، وَأَصْوَاتُهُمَا كَالرَّعْدِ الْقَاصِفِ، وَأَنْيَابُهُمَا كَالصَّيَاصِي، وَأَنْفَاسُهُمَا كاللهب يطآن في أشعارهما، بين منكب كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَسِيرَةُ كَذَا وَكَذَا، قَدْ نُزعت مِنْهُمَا الرَّأْفَةُ وَالرَّحْمَةُ، يُقَالُ لَهُمَا: مُنْكَرٌ وَنَكِيرٌ، فِي يَدِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِطْرَقَةٌ لو اجتمع عليها ربيعة ومضرلم يقلوها. قال: فيقولان له: اجلس. قال: فيجلس فَيَسْتَوِي جَالِسًا. قَالَ: وَتَقَعُ أَكْفَانُهُ فِي حِقْوَيْهِ. قَالَ: فَيَقُولَانِ لَهُ: مَنْ رَبُّكَ؟ وَمَا دِينُكَ؟ وَمَنْ نَبِيُّكَ؟ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَنْ يُطِيقُ الْكَلَامَ عِنْدَ ذَلِكَ وَأَنْتَ تَصِفُ مِنَ الْمَلَكَيْنِ مَا تَصِفُ؟ قَالَ: فَقَالَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute