للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويستدل منها على النسخ بالوجوه الآتية:

أولاً: إنه قد مرّ أن الجماع كان محرماً على الصائم بعد النوم عند ابتداء فرض الصيام، فيحتمل أن يكون ما يدل على عدم صحة صوم من أصبح وهو جنب كان حينئذٍ، ثم أباح الله الجماع إلى طلوع الفجر، كما يدل عليه الآية الكريمة، فكان للمجامع أن يستمِرّ إلى طلوع الفجر، فيلزم منه أن يقع اغتساله بعد طلوع الفجر. وبذلك تكون الأدلة الدالة على صحة صوم من أصبح وهو جنب ناسخة لما يدل على عدمه (١).

ثانياً: إن في حديث عائشة-رضي الله عنها-ما يدل على أنه متأخر عن ما يدل على خلافه، وهو قوله: (قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر)؛ حيث إن فيه إشارة إلى آية سورة الفتح، وهي إنما نزلت عام الحديبية سنة ست. أما ابتداء فرض الصوم فقد كان في السنة الثانية من الهجرة. فيدل ذلك على أن ما يدل على صحة صوم من أصبح وهو جنب، متأخر

عن ما يدل خلافه، فيكون ذلك ناسخاً له (٢).

ثالثاً: إنه يدل كذلك على تأخر ما يدل على صحة صوم من أصبح وهو جنب: أن أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- أعلم الأمة بهذا الحكم، ومحال أن يخفى


(١) انظر: صحيح ابن خزيمة ٢/ ٩٦٦؛ معالم السنن ٣/ ٢٦٦؛ الاستذكار ٣/ ١٧٥؛ فتح الباري ٤/ ١٧٦.
(٢) انظر: فتح الباري ٤/ ١٧٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>