للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[طرح التثريب]

سَعِيدٍ أَصَحُّ الْمَرَاسِيلِ انْتَهَى.

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي كِتَابِهِ الْقَدِيمِ مَنْ شَهِدَ الْعِشَاءَ وَالصُّبْحَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ فَقَدْ أَخَذَ بِحَظِّهِ مِنْهَا وَلَا يُعْرَفُ لَهُ فِي الْجَدِيدِ مَا يُخَالِفُهُ، وَقَدْ ذَكَرَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ أَنَّ مَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْقَدِيمِ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ فِي الْجَدِيدِ بِمُوَافَقَةٍ وَلَا بِمُخَالَفَةٍ فَهُوَ مَذْهَبُهُ بِلَا خِلَافٍ وَإِنَّمَا رَجَعَ مِنْ الْقَدِيمِ عَنْ قَدِيمِ نَصٍّ فِي الْجَدِيدِ عَلَى خِلَافِهِ، وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ فِي مُعْجَمِهِ الْأَوْسَطِ بِإِسْنَادٍ فِيهِ ضَعْفٌ عَنْ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ صَلَّى الْعِشَاءَ فِي جَمَاعَةٍ وَصَلَّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ مِنْ الْمَسْجِدِ كَانَ كَعَدْلِ لَيْلَةِ الْقَدْرِ» وَهَذَا أَبْلَغُ مِنْ الْحَدِيثِ الَّذِي قَبْلَهُ؛ لِأَنَّ مُقْتَضَاهُ تَحْصِيلُ فَضِيلَةِ لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ فَمَا الظَّنُّ بِمَا إذَا كَانَ ذَلِكَ فِيهَا.

(الرَّابِعَةُ) قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ الْمُرَادُ بِقِيَامِ رَمَضَانَ صَلَاةُ التَّرَاوِيحِ وَاتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى اسْتِحْبَابِهَا وَاخْتَلَفُوا فِي أَنَّ الْأَفْضَلَ صَلَاتُهَا مُنْفَرِدًا فِي بَيْتِهِ أَوْ فِي جَمَاعَةٍ فِي الْمَسْجِدِ؟ فَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَجُمْهُورُ أَصْحَابِهِ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَحْمَدُ وَبَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ وَغَيْرُهُمْ الْأَفْضَلُ صَلَاتُهَا جَمَاعَةً كَمَا فَعَلَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَالصَّحَابَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - وَاسْتَمَرَّ عَمَلُ الْمُسْلِمِينَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الشَّعَائِرِ الظَّاهِرَةِ فَأَشْبَهَ صَلَاةَ الْعِيدِ، وَقَالَ مَالِكٌ وَأَبُو يُوسُفَ وَبَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ وَغَيْرُهُمْ الْأَفْضَلُ فُرَادَى فِي الْبَيْتِ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَفْضَلُ الصَّلَاةِ صَلَاةُ الْمَرْءِ فِي بَيْتِهِ إلَّا الْمَكْتُوبَةَ» انْتَهَى كَلَامُ النَّوَوِيِّ، وَقَدْ عَرَفْت أَنَّ قِيَامَ رَمَضَانَ لَا يَخْتَصُّ بِصَلَاةِ التَّرَاوِيحِ كَمَا ذَكَرَتْهُ ثُمَّ قَالَ الْعِرَاقِيُّونَ وَالصَّيْدَلَانِيُّ وَغَيْرُهُمْ: هَذَا الْخِلَافُ فِيمَنْ يَحْفَظُ الْقُرْآنَ وَلَا يُخَالِفُ الْكَسَلَ عَنْهَا وَلَا يَخْتَلُّ الْجَمَاعَةُ فِي الْمَسْجِدِ بِتَخَلُّفِهِ فَإِنْ فُقِدَ بَعْضُ هَذَا فَالْجَمَاعَةُ أَفْضَلُ قَطْعًا وَأَطْلَقَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ثَلَاثَةَ أَوْجُهٍ ثَالِثُهَا هَذَا الْفَرْقُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(الْخَامِسَةُ) قَوْلُهُ «غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» ظَاهِرُهُ تَنَاوُلُهُ الصَّغَائِرَ وَالْكَبَائِرَ وَإِلَى ذَلِكَ جَنَحَ ابْنُ الْمُنْذِرِ، فَقَالَ هُوَ قَوْلٌ عَامٌّ يُرْجَى لِمَنْ قَامَهَا إيمَانًا وَاحْتِسَابًا أَنْ يُغْفَرَ لَهُ جَمِيعُ ذُنُوبِهِ صَغِيرُهَا وَكَبِيرُهَا، وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ الْمَعْرُوفُ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ أَنَّ هَذَا مُخْتَصٌّ بِغُفْرَانِ الصَّغَائِرِ دُونَ الْكَبَائِرِ قَالَ بَعْضُهُمْ وَيَجُوزُ أَنْ يُخَفِّفَ مِنْ الْكَبَائِرِ إذَا لَمْ يُصَادِفْ صَغِيرَةً، وَقَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ قَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ كُلُّ مَا يَرِدُ

<<  <  ج: ص:  >  >>