للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[طرح التثريب]

بِأَنَّهُمَا لَا يَبْتَدِئَانِ بِالْأَذَى وَمُقْتَضَى ذَلِكَ ثُبُوتُ الْحُكْمِ لِكُلِّ مَا يَبْتَدِئُ بِالْأَذَى ثُمَّ قَوَّى ذَلِكَ بِمَا ذَكَرَهُ فِي الْبَعُوضِ وَنَحْوِهِ وَلَا سِيَّمَا تَعْلِيلُهُ بِأَنَّهَا مُؤْذِيَةٌ بِطِبَاعِهَا ثُمَّ إنَّ الشَّيْخَ تَقِيَّ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - اقْتَصَرَ فِي رَدِّ ذَلِكَ عَلَى الْقِيَاسِ مَعَ وُرُودِ النَّصِّ فِيهِ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «يَقْتُلُ الْمُحْرِمُ السَّبُعَ الْعَادِيَ وَالْكَلْبَ الْعَقُورَ وَالْفَأْرَةَ وَالْعَقْرَبَ وَالْحِدَأَةَ وَالْغُرَابَ» . لَفْظُ التِّرْمِذِيِّ وَقَالَ هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ

وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ قَالُوا يَقْتُلُ الْمُحْرِمُ السَّبُعَ الْعَادِيَ وَلَفْظُ أَبِي دَاوُد «إنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سُئِلَ عَمَّا يَقْتُلُ الْمُحْرِمُ؟ قَالَ الْحَيَّةَ وَالْعَقْرَبَ وَالْفُوَيْسِقَةَ وَيَرْمِي الْغُرَابَ وَلَا يَقْتُلُهُ وَالْكَلْبَ الْعَقُورَ وَالْحِدَأَةَ وَالسَّبُعَ الْعَادِيَ» . وَلَمْ يَذْكُرْ ابْنُ مَاجَهْ الْحِدَأَةَ وَلَا الْغُرَابَ وَزَادَ فَقِيلَ لَهُ لِمَ قِيلَ لَهَا الْفُوَيْسِقَةُ؟ قَالَ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اسْتَيْقَظَ لَهَا وَقَدْ أَخَذَتْ الْفَتِيلَةَ لِتُحْرِقَ بِهَا الْبَيْتَ

فَتَنَاوَلَ قَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - السَّبُعَ الْعَادِيَ الْأَسَدَ وَالنَّمِرَ وَغَيْرَهُمَا مِنْ السِّبَاعِ بَلْ قَوْلُهُ الْكَلْبُ الْعَقُورُ يَتَنَاوَلُ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ كَمَا سَنَحْكِيهِ بَعْدَ ذَلِكَ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ مَفْهُومَ الْعَدَدِ حُجَّةٌ مَحْكِيٌّ عَنْ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَكِنْ ذَهَبَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ الْبَاقِلَّانِيُّ وَإِمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَغَيْرُهُمَا إلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِحُجَّةٍ وَجَزَمَ بِهِ الْبَيْضَاوِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ.

وَكَذَا قَالَ الْإِمَامُ فَخْرُ الدِّينِ إنَّهُ لَيْسَ بِحُجَّةٍ إلَّا أَنَّهُ قَالَ يَدُلُّ عَلَيْهِ لِدَلِيلٍ مُنْفَصِلٍ، ثُمَّ إنَّ الْمَشْهُورَ عَنْ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّهُمْ لَا يَقُولُونَ بِالْمَفَاهِيمِ مُطْلَقًا لَا هَذَا الْمَفْهُومُ وَلَا غَيْرُهُ وَبِتَقْدِيرِ قَوْلِهِمْ بِالْمَفْهُومِ فَهُمْ لَمْ يَقِفُوا عِنْدَ هَذَا الْمَفْهُومِ بَلْ ضَمُّوا إلَيْهَا الْحَيَّةَ وَالذِّئْبَ أَيْضًا كَمَا تَقَدَّمَ وَالنَّصُّ عَلَى الْحَيَّةِ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَفِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ذَكَرَ السَّبُعَ الْعَادِيَ وَهُوَ يُنَافِي الْوُقُوفَ عِنْدَ هَذَا الْمَفْهُومِ فَإِنَّهَا مَعَ الْحَيَّةِ وَالسَّبُعِ الْعَادِي لَيْسَتْ خَمْسًا بَلْ سَبْعًا كَيْفَ.

وَقَدْ جَاءَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ خَمْسٌ وَفِي بَعْضِهَا أَرْبَعٌ فَلَوْ كَانَ هَذَا الْمَفْهُومُ حُجَّةً لَتَدَافَعَ هَذَانِ الْمَفْهُومَانِ وَسَقَطَا.

(الثَّالِثَةُ) إنْ قُلْت فَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ مَفْهُومَ الْعَدَدِ حُجَّةٌ مَا جَوَابُكُمْ عَنْ تَخْصِيصِ هَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ بِالذِّكْرِ؟ قُلْت، قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فِي شَرْحِ الْعُمْدَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>