. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
أَيْ نِعْمَتَاهُ عِنْدَ مَنْ أَوَّلَ الْيَدَ بِالنِّعْمَةِ وَنِعَمُهُ تَعَالَى لَا تُحْصَى وَمَعْنَاهُ إجَابَةً بَعْدَ إجَابَةٍ وَلُزُومًا لِطَاعَتِك قَالَ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ ثَنَّوْا لَبَّيْكَ كَمَا ثَنَّوْا حَنَانَيْكَ أَيْ تَحَنُّنًا بَعْدَ تَحَنُّنٍ وَأَصْلُ لَبَّيْكَ لَبَبَّيْك فَاسْتَثْقَلُوا الْجَمْعَ بَيْنَ ثَلَاثِ بَاءَاتٍ فَأَبْدَلُوا مِنْ الثَّالِثَةِ يَاءً كَمَا قَالُوا مِنْ الظَّنِّ تَظَنَّيْتُ وَأَصْلُهُ تَظَنَّنْت وَاخْتَلَفُوا فِي اشْتِقَاقِهَا وَمَعْنَاهَا فَقِيلَ مَعْنَاهَا اتِّجَاهِي وَقَصْدِي إلَيْك، مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِهِمْ دَارِي تَلُبُّ دَارَك أَيْ تُوَاجِهُهَا وَقِيلَ مَعْنَاهَا مَحَبَّتِي لَك مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِهِمْ امْرَأَةٌ لَبَّةٌ إذَا كَانَتْ مُحِبَّةً وَلَدَهَا عَاطِفَةً عَلَيْهِ.
وَقِيلَ مَعْنَاهَا إخْلَاصِي لَك مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِهِمْ حَسَبٌ لُبَابٌ، إذَا كَانَ خَالِصًا مَحْضًا وَمِنْ ذَلِكَ لُبُّ الطَّعَامِ وَلُبَابُهُ وَقِيلَ مَعْنَاهَا أَنَا مُقِيمٌ عَلَى طَاعَتِك وَإِجَابَتِك مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِهِمْ لَبَّ الرَّجُلُ بِالْمَكَانِ وَأَلَبَّ إذَا أَقَامَ فِيهِ وَلَزِمَهُ قَالَ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ وَبِهَذَا قَالَ الْخَلِيلُ وَالْأَحْمَرُ وَقَالَ إبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَرْبِيِّ مَعْنَى لَبَّيْكَ قُرْبًا مِنْك وَطَاعَةً، وَالْأَلْبَابُ الْقُرَبُ، وَقَالَ أَبُو نَصْرٍ:
مَعْنَاهُ أَنَا مُلَبٍّ بَيْنَ يَدَيْك أَيْ خَاضِعٌ حَكَى هَذِهِ الْأَقْوَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ وَغَيْرُهُ قَالَ الزَّمَخْشَرِيّ فِي الْفَائِقِ وَهُوَ مَنْصُوبٌ عَلَى الْمَصْدَرِ لِلتَّكْثِيرِ وَلَا يَكُونُ عَامِلُهُ إلَّا مُضْمِرًا كَأَنَّهُ قَالَ أَلَبَّ إلْبَابًا بَعْدَ إلْبَابٍ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَمَعْنَى التَّلْبِيَةِ إجَابَةُ اللَّهِ فِيمَا فَرَضَ عَلَيْهِمْ مِنْ حَجِّ بَيْتِهِ وَالْإِقَامَةِ عَلَى طَاعَتِهِ فَالْمُحْرِمُ بِتَلْبِيَتِهِ مُسْتَجِيبٌ لِدُعَاءِ اللَّهِ إيَّاهُ فِي إيجَابِ الْحَجِّ عَلَيْهِ وَمِنْ أَجْلِ الِاسْتِجَابَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ لَبَّى لِأَنَّ مَنْ دُعِيَ فَقَالَ لَبَّيْكَ فَقَدْ اسْتَجَابَ ثُمَّ قَالَ: وَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ إنَّ مَعْنَى التَّلْبِيَةِ إجَابَةُ إبْرَاهِيمَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - حِينَ أَذَّنَ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ وَقَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ.
قِيلَ وَهَذِهِ الْإِجَابَةُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى لِإِبْرَاهِيمَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - {وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ} [الحج: ٢٧] انْتَهَى وَرَوَى ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي كِتَابِهِ (مُثِيرُ الْغَرَامِ السَّاكِنِ) عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: لَمَّا قِيلَ لِإِبْرَاهِيمَ {وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالا} [الحج: ٢٧] قَالَ يَا رَبِّ كَيْفَ أَقُولُ؟ قَالَ قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَجِيبُوا رَبَّكُمْ فَصَعِدَ الْجَبَلَ فَنَادَى يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَجِيبُوا رَبَّكُمْ فَأَجَابُوهُ لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ فَكَانَ هُوَ أَوَّلَ التَّلْبِيَةِ.
وَعَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ أَنَّهُ اسْتَقْبَلَ الْمَشْرِقَ ثُمَّ الْمَغْرِبَ ثُمَّ الْيَمَنِ ثُمَّ الشَّامِ فَدَعَا فَأُجِيبَ لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ، وَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مَرْوَانَ بَلَغَنِي عَنْ بَدْءِ التَّلْبِيَةِ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَوْحَى إلَى إبْرَاهِيمَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فِي شَأْنِ حَجِّ الْبَيْتِ وَكَانَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute