للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[طرح التثريب]

مَعَهُ هَدْيٌ أَنْ يَحِلَّ وَجَدُوا مِنْ ذَلِكَ فِي أَنْفُسِهِمْ وَأَحَبُّوا أَنْ يَأْذَنَ لَهُمْ فِي الْمُقَامِ عَلَى إحْرَامِهِمْ حَتَّى يُكْمِلُوا الْحَجَّ وَكَانَتْ طَاعَةُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْلَى بِهِمْ فَلَمَّا لَمْ يَكُنْ لَهُمْ بُدٌّ مِنْ الْإِحْلَالِ كَانَ الْقَصْرُ فِي نُفُوسِهِمْ أَخَفَّ مِنْ الْحَلْقِ فَمَالُوا إلَى الْقَصْرِ فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْهُمْ أَخَّرَهُمْ فِي الدُّعَاءِ وَقَدَّمَ عَلَيْهِمْ مَنْ حَلَقَ وَبَادَرَ إلَى الطَّاعَةِ وَقَصَّرَ بِمَنْ تَهَيَّبَهُ وَحَادَ عَنْهُ ثُمَّ جَمَعَهُمْ فِي الدَّعْوَةِ وَعَمَّهُمْ بِالرَّحْمَةِ.

وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ الصَّحِيحُ الْمَشْهُورُ أَنَّ هَذَا كَانَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ ثُمَّ قَالَ وَلَا يَبْعُدُ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَهُ فِي الْمَوْضِعَيْنِ وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فِي شَرْحِ الْعُمْدَةِ لَعَلَّهُ وَقَعَ فِيهِمَا مَعًا وَهُوَ الْأَقْرَبُ وَقَدْ كَانَ فِي كِلَا الْوَقْتَيْنِ تَوَقُّفٌ مِنْ الصَّحَابَةِ فِي الْحَلْقِ أَمَّا الْحُدَيْبِيَةُ فَلِأَنَّهُ عَظُمَ عَلَيْهِمْ الرُّجُوعُ قَبْلَ تَمَامِ مَقْصُودِهِمْ مِنْ الدُّخُولِ إلَى مَكَّةَ وَكَمَالِ نُسُكِهِمْ وَأَمَّا فِي الْحَجِّ فَلِأَنَّهُ شَقَّ عَلَيْهِمْ فَسْخُ الْحَجِّ إلَى الْعُمْرَةِ وَمَنْ قَصَّرَ شَعْرَهُ اعْتَقَدَ أَنَّهُ أَخَفُّ مِنْ الْحَلْقِ إذْ هُوَ يَدُلُّ عَلَى الْكَرَاهَةِ لِلشَّيْءِ وَكَرَّرَ الدُّعَاءَ، لِلْمُحَلِّقِينَ لِأَنَّهُمْ بَادَرُوا إلَى امْتِثَالِ الْأَمْرِ وَأَتَمُّوا فِعْلَ مَا أُمِرُوا بِهِ مِنْ الْحَلْقِ وَقَدْ وَرَدَ التَّصْرِيحُ بِهَذِهِ الْعِلَّةِ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ فَقَالَ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَشُكُّوا (قُلْت) رَوَى ذَلِكَ ابْنُ مَاجَهْ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ لِمَ ظَاهَرْت لِلْمُحَلِّقِينَ ثَلَاثًا وَلِلْمُقَصِّرِينَ وَاحِدَةً؟ قَالَ إنَّهُمْ لَمْ يَشُكُّوا» . وَقَالَ وَالِدِي - رَحِمَهُ اللَّهُ - إسْنَادُهُ جَيِّدٌ وَرَوَاهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ وَفِيهِ زِيَادَةٌ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي الْحُدَيْبِيَةِ وَرَوَى ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ «حَلَقَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كُلُّهُمْ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ إلَّا رَجُلَيْنِ قَصَّرَا وَلَمْ يَحْلِقَا» . وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى أَنَّهُمَا عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ وَأَبُو قَتَادَةَ

{الثَّالِثَةُ} التَّحْلِيقُ صِيغَةُ مُبَالَغَةٍ مِنْ حَلْقِ الشَّعْرِ وَالْمُرَادُ حَلْقَهُ فِي الْحَجِّ أَوْ الْعُمْرَةِ وَالتَّقْصِيرُ الْأَخْذُ مِنْ أَطْرَافِ الشَّعْرِ بِدُونِ اسْتِئْصَالٍ.

{الرَّابِعَةُ} فِيهِ الِاكْتِفَاءٌ فِي الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ بِالْحَلْقِ عَلَى انْفِرَادِهِ وَالتَّقْصِيرُ عَلَى انْفِرَادِهِ وَأَنَّ الْأَفْضَلَ الْحَلْقُ وَهَذَا مُجْمَعٌ عَلَيْهِ كَمَا نَقَلَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ إلَّا أَنَّ ابْنَ الْمُنْذِرِ حَكَى عَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ يَلْزَمُهُ الْحَلْقُ فِي أَوَّلِ حَجَّةٍ وَلَا يُجْزِئُهُ لِلتَّقْصِيرِ، فَقَالَ أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ التَّقْصِيرَ

<<  <  ج: ص:  >  >>