للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[طرح التثريب]

فَنَظَرَ الشَّرْعُ لَهُمْ عَلَيْهِ فَلَا تَنَاقُضَ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ بَلْ هُمَا مُتَّفِقَتَانِ فِي الْحُكْمِ وَالْمَصْلَحَةِ. انْتَهَى.

وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّ الْمَنْعَ مِنْ التَّلَقِّي هُوَ لِمَصْلَحَةِ أَهْلِ الْبَلَدِ أَيْضًا فَإِنَّ الْقَوَافِلَ إذَا صُنِعَ مَعَهُمْ مِثْلُ هَذَا الصُّنْعِ تَأَذَّوْا مِنْ ذَلِكَ وَكَانَ سَبَبًا لِانْقِطَاعِهِمْ عَنْ الْبَلَدِ فَيَتَضَرَّرُ أَهْلُ الْبَلَدِ بِانْقِطَاعِ الْجَلَبِ عَنْهُمْ. وَقَالَ: ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ مَعْنَى النَّهْيِ عِنْدَ مَالِكٍ وَاللَّيْثِ الرِّفْقُ بِأَهْلِ الْأَسْوَاقِ لِئَلَّا يُقْطَعَ بِهِمْ عَمَّا لَوْ جَلَسُوا يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ فَنَهَى النَّاسَ أَنْ يَتَلَقَّوْا السِّلَعَ؛ لِأَنَّ فِي ذَلِكَ فَسَادًا عَلَيْهِمْ.

وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ أَنَّ النَّهْيَ إنَّمَا وَرَدَ رِفْقًا بِصَاحِبِ السِّلْعَةِ لِئَلَّا يُبْخَسَ فِي ثَمَنِ سِلْعَتِهِ، وَقَدْ رُوِيَ بِمِثْلِ مَا قَالَهُ الشَّافِعِيُّ خَبَرٌ صَحِيحٌ يَلْزَمُ الْعَمَلُ بِهِ فَذَكَرَ رِوَايَةَ الْخِيَارِ، وَفِيمَا حَكَاهُ عَنْ اللَّيْثِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ يَقُولُ بِثُبُوتِ الْخِيَارِ لِلْبَائِعِ كَمَا يَقُولُهُ الشَّافِعِيُّ فَمَذْهَبُهُ حِينَئِذٍ النَّظَرُ لِلْبَائِعِ لَا لِأَهْلِ الْبَلَدِ، وَذَكَرَ ابْنُ حَزْمٍ أَنَّ كِلَا الْقَوْلَيْنِ فَاسِدٌ فَرَحْمَتُهُ بِأَهْلِ الْحَضَرِ وَالْجَالِبِينَ سَوَاءٌ وَلَكِنَّهَا الشَّرَائِعُ تُوحَى إلَيْهِ فَيُؤَدِّيهَا كَمَا أُمِرَ.

(الثَّامِنَةُ) شَرَطَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا لِلتَّحْرِيمِ شَرْطًا آخَرَ وَهُوَ أَنْ يَبْتَدِئَ الْمُتَلَقِّي الْقَافِلَةَ بِطَلَبِ الشِّرَاءِ مِنْهُمْ فَلَوْ ابْتَدَءُوهُ فَالْتَمَسُوا مِنْهُ الشِّرَاءَ مِنْهُمْ وَهُمْ عَالِمُونَ بِسِعْرِ الْبَلَدِ أَوْ غَيْرِ عَالِمِينَ فَجَعَلُوهُ عَلَى الْخِلَافِ فِيمَا لَوْ بَانَ أَنَّ الشِّرَاءَ بِسِعْرِ الْبَلَدِ أَوْ أَكْثَرَ وَقَدْ عَرَفْت أَنَّ الْأَصَحَّ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ أَنَّهُ لَا خِيَارَ.

(التَّاسِعَةُ) قَوْلُهُ (لَا تَلَقَّوْا الرُّكْبَانَ لِلْبَيْعِ) يَتَنَاوَلُ بَيْعَ الرُّكْبَانِ لِلْمُتَلَقِّي وَبَيْعَ الْمُتَلَقِّي لَهُمْ وَجَعَلَ أَصْحَابُنَا صُورَةَ الْحَدِيثِ هِيَ الْأُولَى وَحَكَوْا فِي تَحْرِيمِ الثَّانِيَةِ وَجْهَيْنِ.

(الْعَاشِرَةُ) حَيْثُ أَثْبَتْنَا الْخِيَارَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ فَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي أَنَّهُ عَلَى الْفَوْرِ أَوْ يَمْتَدُّ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَالصَّحِيحُ عِنْدَهُمْ أَنَّهُ عَلَى الْفَوْرِ وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ.

(الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ) ظَاهِرُ الْحَدِيثِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي النَّهْيِ عَنْ التَّلَقِّي بَيْنَ أَنْ تَكُونَ الْمَسَافَةُ الَّتِي يَتَلَقَّى إلَيْهَا قَرِيبَةً أَوْ بَعِيدَةً وَهُوَ الَّذِي يَقْتَضِيهِ إطْلَاقُ أَصْحَابِنَا وَغَيْرِهِمْ وَقَيَّدَ الْمَالِكِيَّةُ مَحَلَّ النَّهْيِ بِحَدٍّ مَخْصُوصٍ وَاخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ الْحَدِّ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: مِيلٌ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ فَرْسَخَانِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ يَوْمَانِ وَهُوَ مَعْنَى مَا رَوَاهُ أَبُو قُرَّةَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ إنِّي لَأَكْرَهُ تَلَقِّي السِّلَعِ، وَأَنْ يَبْلُغُوا بِالتَّلَقِّي أَرْبَعَةً بُرُدٍ. انْتَهَى.

فَإِنْ زَادَتْ الْمَسَافَةُ عَلَى ذَلِكَ لَمْ تَدْخُلْ تَحْتَ النَّهْيِ وَقِيلَ لِمَالِكٍ أَرَأَيْتَ إنْ كَانَ ذَلِكَ عَلَى رَأْسِ

<<  <  ج: ص:  >  >>