. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
سِتَّةِ أَمْيَالٍ فَقَالَ لَا بَأْسَ بِذَلِكَ، وَكَأَنَّ ذَلِكَ جَازَ عَلَى طَرِيقَتِهِ فِي أَنَّ النَّظَرَ لِأَهْلِ الْبَلَدِ، وَإِنَّمَا تَتَشَوَّفُ أَطْمَاعُهُمْ لِمَنْ قَرُبَ مِنْهُمْ، وَأَمَّا الْبَعِيدُ فَلَا تَشَوُّفَ لَهُمْ إلَيْهِ وَلَعَلَّ النَّظَرَ فِي تَحْدِيدِ الْقُرْبِ لِلْعُرْفِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَحَكَى ابْنُ حَزْمٍ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ أَنَّهُ مَنْهِيٌّ عَنْهُ إذَا كَانَ بِحَيْثُ لَا تُقْصَرُ الصَّلَاةُ إلَيْهِ فَإِنْ تَلَقَّاهَا بِحَيْثُ تُقْصَرُ الصَّلَاةُ فَصَاعِدًا فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ.
(الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ) بَوَّبَ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ (بَابَ مُنْتَهَى التَّلَقِّي) وَأَوْرَدَ فِيهِ حَدِيثَ ابْنِ عُمَرَ «كُنَّا نَتَلَقَّى الرُّكْبَانَ فَنَشْتَرِي مِنْهُمْ الطَّعَامَ فَنَهَانَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ نَبِيعَهُ حَتَّى نَبْلُغَ بِهِ سُوقَ الطَّعَامِ» وَحَدِيثُهُ «كَانُوا يَتَبَايَعُونَ فِي أَعْلَى السُّوقِ فَيَبِيعُونَهُ فِي مَكَانِهِ فَنَهَاهُمْ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَبِيعُوهُ فِي مَكَانِهِ حَتَّى يَنْقُلُوهُ» فَبَيَّنَ بِالرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ أَنَّ التَّلَقِّيَ كَانَ إلَى أَعْلَى السُّوقِ مِنْ غَيْرِ خُرُوجٍ عَنْ الْبَلَدِ وَبَيَّنَ الْبُخَارِيُّ بِتَبْوِيبِهِ مُنْتَهَى التَّلَقِّي الْجَائِزِ، وَهُوَ مَا لَمْ يَخْرُجْ مِنْ الْبَلَدِ فَإِنْ خَرَجَ مِنْهَا وَقَعَ فِي التَّلَقِّي الْمَنْهِيِّ عَنْهُ. وَكَلَامُ أَصْحَابِنَا يُوَافِقُ هَذَا حَيْثُ قَالُوا فِي تَعْرِيفِهِ الَّذِي قَدَّمْتُ ذِكْرَهُ (قَبْلَ قُدُومِهِمْ الْبَلَدَ) وَالْمَعْنَى فِيهِ أَنَّهُمْ إذَا قَدِمُوا الْبَلَدَ أَمْكَنَهُمْ مَعْرِفَةَ السِّعْرِ وَطَلَبِ الْحَظِّ؛ لِأَنْفُسِهِمْ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلُوا ذَلِكَ فَهُوَ بِتَقْصِيرِهِمْ.
وَأَمَّا قَبْلَ دُخُولِ الْبَلَدِ فَإِنَّهُمْ لَا يَعْرِفُونَ السِّعْرَ وَلَوْ أَمْكَنَهُمْ تَعَرُّفُهُ فَنَادِرٌ لَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ حُكْمٌ.
وَذَكَرَ ابْنُ بَطَّالٍ أَنَّ مَا كَانَ خَارِجًا عَنْ السُّوقِ فِي الْحَاضِرَةِ أَوْ قَرِيبًا مِنْهَا بِحَيْثُ يَجِدُ مَنْ يَسْأَلُهُ عَنْ سِعْرِهَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الشِّرَاءُ هُنَالِكَ؛ لِأَنَّهُ دَاخِلٌ فِي مَعْنَى التَّلَقِّي، وَأَمَّا الْمَوْضِعُ الْبَعِيدُ الَّذِي لَا يَقْدِرُ فِيهِ عَلَى ذَلِكَ فَيَجُوزُ فِيهِ الْبَيْعُ وَلَيْسَ بِتَلَقٍّ قَالَ مَالِكٌ، وَأَكْرَهُ أَنْ يُشْتَرَى فِي نَوَاحِي الْمِصْرِ حَتَّى يَهْبِطَ بِهِ السُّوقَ قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَبَلَغَنِي هَذَا الْقَوْلُ عَنْ أَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ أَنَّهُمَا نَهَيَا عَنْ التَّلَقِّي خَارِجَ السُّوقِ وَرَخَّصَا فِي ذَلِكَ فِي أَعْلَى السُّوقِ إلَى آخَرِ كَلَامِهِ فَرَدَّ تَبْوِيبَ الْبُخَارِيِّ إلَى مَذْهَبِهِ وَالْمَعْنَى الَّذِي ذَكَرَهُ فِي أَنَّهُ إذَا وَجَدَ مَنْ يَسْأَلُهُ عَنْ السِّعْرِ كَانَ الشِّرَاءُ حَرَامًا، وَإِنْ لَمْ يَجِدْ مَنْ يَسْأَلُهُ عَنْ السِّعْرِ كَانَ جَائِزًا غَيْرَ مُلَائِمٍ وَاَلَّذِي يَقْتَضِيهِ النَّظَرُ عَكْسُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَحَكَى ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ عَنْ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ أَنَّهُ قَالَ أَكْرَهُ تَلَقِّي السِّلَعَ وَشِرَاءَهَا فِي الطَّرِيقِ أَوْ عَلَى بَابِك حَتَّى تَقِفَ السِّلْعَةُ فِي سُوقِهَا الَّتِي تُبَاعُ فِيهَا قَالَ: وَإِنْ كَانَ عَلَى بَابِهِ أَوْ فِي طَرِيقِهِ فَمَرَّتْ بِهِ سِلْعَةٌ يُرِيدُ صَاحِبَهَا سُوقَ تِلْكَ السِّلْعَةِ فَلَا بَأْسَ أَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute