. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
هِلَالِ بْنِ أُسَامَةَ وَهُوَ ابْنُ أَبِي مَيْمُونَةَ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِلَفْظِ «لَا يُبَاعُ فَضْلُ الْمَاءِ لِيُبَاعَ بِهِ الْكَلَأُ» (الثَّانِيَةُ) قَوْلُهُ لَا يُمْنَعُ رُوِيَ بِالرَّفْعِ عَلَى أَنَّهُ خَبَرٌ وَبِالْجَزْمِ عَلَى النَّهْيِ وَقَدْ رَوَيْنَاهُ بِالْوَجْهَيْنِ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ فَالْجَزْمُ رِوَايَةُ الْحَافِظِ أَبِي ذَرٍّ عَبْدِ بْنِ أَحْمَدَ الْهَرَوِيِّ وَالرَّفْعُ هُوَ الْمَشْهُورُ وَهُوَ خَبَرُ اللَّفْظِ نَهْيٌ مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى، وَقَدْ دَلَّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى وَهِيَ فِي الصَّحِيحَيْنِ لَا تَمْنَعُوا بِلَفْظِ النَّهْيِ الصَّرِيحِ.
(الثَّالِثَةُ) فِيهِ النَّهْيُ عَنْ مَنْعِ فَضْلِ الْمَاءِ وَهُوَ مَحْمُولٌ عِنْدَ أَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ مِنْ أَصْحَابِنَا عَلَى مَاءِ الْبِئْرِ الْمَحْفُورَةِ فِي الْمِلْكِ أَوْ فِي الْمَوَاتِ بِقَصْدِ التَّمَلُّكِ أَوْ الِارْتِفَاقِ خَاصَّةً فَالْأُولَى وَهِيَ الَّتِي فِي مِلْكِهِ أَوْ فِي مَوَاتٍ بِقَصْدِ التَّمَلُّكِ يُمْلَكُ مَاؤُهَا عَلَى الصَّحِيحِ عِنْدَ أَصْحَابِنَا وَنَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي الْقَدِيمِ وَفِي رِوَايَةِ حَرْمَلَةَ وَالثَّانِيَةُ وَهِيَ الْمَحْفُورَةُ فِي مَوَاتٍ بِقَصْدِ الِارْتِفَاقِ لَا يَمْلِكُ الْحَافِرُ مَاءَهَا وَلَكِنْ يَكُونُ أَوْلَى بِهِ إلَى أَنْ يَرْتَحِلَ فَإِذَا ارْتَحَلَ صَارَ كَغَيْرِهِ وَلَوْ عَادَ بَعْدَ ذَلِكَ وَفِي كِلَا الْحَالَتَيْنِ يَجِبُ عَلَيْهِ بَذْلُ مَا يَفْضُلُ عَنْ حَاجَتِهِ وَالْمُرَادُ بِحَاجَتِهِ نَفْسُهُ وَعِيَالُهُ وَمَاشِيَتُهُ وَزَرْعُهُ. قَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ: وَفِي الْمَزَارِعِ احْتِمَالٌ عَلَى بُعْدٍ أَمَّا الْبِئْرُ الْمَحْفُورَةُ لِلْمَارَّةِ فَمَاؤُهَا مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمْ وَالْحَافِرُ كَأَحَدِهِمْ وَيَجُوزُ الِاسْتِقَاءُ مِنْهَا لِلشُّرْبِ وَسَقْيِ الزَّرْعِ فَإِنْ ضَاقَ عَنْهُمَا فَالشُّرْبُ أَوْلَى وَكَذَا الْمَحْفُورَةُ بِلَا قَصْدٍ عَلَى أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ لِأَصْحَابِنَا. وَأَمَّا الْمُحْرَزُ فِي إنَاءٍ فَلَا يَجِبُ بَذْلُ فَضْلِهِ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْوَجْهَيْنِ لِغَيْرِ الْمُضْطَرِّ وَيُمْلَكُ بِالْإِحْرَازِ وَقَدْ حَكَى بَعْضُهُمْ الْإِجْمَاعَ عَلَى ذَلِكَ وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا لَا يَمْلِكُهُ بَلْ هُوَ أَخَصُّ بِهِ وَغَلَّطُوهُ فِي ذَلِكَ هَذَا كَلَامُ أَصْحَابِنَا، وَكَلَامُ الْفُقَهَاءِ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ فِي ذَلِكَ مُتَقَارِبٌ فِي الْأَصْلِ وَالْمُدْرَكِ، وَإِنْ اخْتَلَفَتْ تَفَاصِيلُهُمْ.
وَحَكَى الْمَالِكِيَّةُ هَذَا الْحُكْمَ فِي الْبِئْرِ الْمَحْفُورَةِ فِي الْمَوَاتِ وَقَالُوا فِي الْمَحْفُورَةِ فِي الْمِلْكِ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ بَذْلُ فَضْلِهَا وَقَالُوا فِي الْمَحْفُورَةِ فِي الْمَوَاتِ لَا تُبَاعُ وَصَاحِبُهَا وَوَرَثَتُهُ بَعْدَهُ أَحَقُّ بِكِفَايَتِهِمْ، وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ لَا حَظَّ فِيهَا لِلزَّوْجَيْنِ وَقَالَ أَبُو الْوَلِيدِ الْبَاجِيَّ لَوْ بَيَّنَ حَافِرُهَا وَأَشْهَدَ أَنَّهُ مِلْكٌ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَمْلِكُ وَلَا نَصَّ فِيهِ.
(الرَّابِعَةُ) مَعْنَى قَوْلِهِ لِيَمْنَعَ بِهِ الْكَلَأَ أَنْ يَكُونَ حَوْلَ الْبِئْرِ كَلَأٌ لَيْسَ عِنْدَهُ مَاءٌ غَيْرُ هَذَا وَلَا يُمْكِنُ أَصْحَابُ الْمَوَاشِي رَعْيَهُ إلَّا إذَا مُكِّنُوا مِنْ سَقْيِ بَهَائِمِهِمْ مِنْ هَذَا الْبِئْرِ لِئَلَّا تَتَضَرَّرَ بَهَائِمُهُمْ بِالْعَطَشِ بَعْدَ الرَّعْيِ فَيَكُونَ بِمَنْعِهِ لَهُمْ مِنْ الْمَاءِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute