للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[طرح التثريب]

مَانِعًا لَهُمْ مِنْ رَعْيِ بَهَائِمِهِمْ مِنْ ذَلِكَ الْكَلَأِ، وَإِنْ لَمْ يَمْنَعْهُمْ صَرِيحًا قَالَ الْخَطَّابِيُّ: إلَى هَذَا ذَهَبَ فِي مَعْنَى الْحَدِيثِ مَالِكٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَاللَّيْثُ وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ الشَّافِعِيِّ وَالنَّهْيُ فِي هَذَا عِنْدَهُمْ عَلَى التَّحْرِيمِ. وَقَالَ غَيْرُهُمْ: لَيْسَ النَّهْيُ فِيهِ عَلَى التَّحْرِيمِ لَكِنَّهُ مِنْ بَابِ الْمَعْرُوفِ فَإِنْ شَحَّ رَجُلٌ عَلَى مَالِهِ لَمْ يُنْتَزَعْ مِنْ يَدِهِ وَالْمَاءُ فِي هَذَا كَغَيْرِهِ مِنْ صُنُوفِ الْأَمْوَالِ لَا يَحِلُّ إلَّا بِطِيبِ نَفْسٍ. قَالَ: وَهُوَ مُحْتَاجٌ إلَى دَلِيلٍ يَجُوزُ مَعَهُ تَرْكُ الظَّاهِرِ وَأَصْلُ النَّهْيِ لِلتَّحْرِيمِ.

(الْخَامِسَةُ) ظَاهِرُهُ وُجُوبِ ذَلِكَ عَلَيْهِ مَجَّانًا مِنْ غَيْرِ طَلَبِ الْقِيمَةِ وَبِهِ قَالَ الْجُمْهُورُ وَحَكَى الْخَطَّابِيُّ عَنْ قَوْمٍ أَنَّهُ تَجِبُ لَهُ الْقِيمَةُ مَعَ وُجُوبِ ذَلِكَ عَلَيْهِ كَإِطْعَامِ الْمُضْطَرِّ يَجِبُ مَعَ أَخْذِ الْبَدَلِ وَبِهِ قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا وَهُوَ مَرْدُودٌ وَيَلْزَمُ مِنْ طَلَبِ الْقِيمَةِ الْمَنْعُ فِي حَالَةِ امْتِنَاعِ أَصْحَابِ الْمَوَاشِي مِنْ بَذْلِ قِيمَةِ الْمَاءِ، وَهُوَ خِلَافُ مَا اقْتَضَاهُ الْحَدِيثُ مِنْ عَدَمِ الْمَنْعِ مُطْلَقًا، وَلَوْ جَازَ أَخْذُ الْعِوَضِ عَنْهُ لَجَازَ بَيْعُهُ وَقَدْ نَهَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ «لَا يُبَاعُ فَضْلُ الْمَاءِ لِيُبَاعَ بِهِ الْكَلَأُ» وَهُوَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ كَمَا تَقَدَّمَ وَهُوَ صَرِيحٌ فِي الرَّدِّ عَلَى هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ.

(السَّادِسَةُ) لِوُجُوبِ ذَلِكَ شُرُوطٌ مَأْخُوذَةٌ مِنْ الْحَدِيثِ:

(أَحَدُهَا) أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْمَاءُ فَاضِلًا عَنْ حَاجَتِهِ كَمَا تَقَدَّمَ وَهُوَ صَرِيحُ الْحَدِيثِ فَإِنَّ الْمَنْهِيَّ عَنْهُ مَنْعُ الْفَضْلِ لَا مَنْعُ الْأَصْلِ، وَلِذَلِكَ بَوَّبَ عَلَيْهِ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ أَنَّ صَاحِبَ الْمَاءِ أَحَقُّ بِالْمَاءِ حَتَّى يَرْوِيَ.

(الثَّانِي) أَنْ يَكُونَ الْبَذْلُ لِلْمَاشِيَةِ وَسَائِرِ الْبَهَائِمِ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ بَذْلُ الْفَاضِلِ عَنْ حَاجَتِهِ لِزَرْعِ غَيْرِهِ عَلَى الصَّحِيحِ عِنْدَ أَصْحَابِنَا، وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَعَنْ أَحْمَدَ رِوَايَتَانِ وَقَالَ مَالِكٌ يَجِبُ عَلَيْهِ بَذْلُهُ لِلزَّرْعِ أَيْضًا إذَا خَشِيَ عَلَيْهِ الْهَلَاكَ وَلَمْ يَضُرَّ ذَلِكَ بِصَاحِبِ الْمَاءِ وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُهُ فِي أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ عَلَى ذَلِكَ عِوَضًا أَمْ لَا وَالْحَدِيثُ حُجَّةٌ لِلْأَوَّلَيْنِ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ مَنْعِ سَقْيِ الزَّرْعِ بِهِ مَنْعُ الْكَلَأِ وَهُوَ الْمَعْنَى الَّذِي عَلَّلَ بِهِ الْحَدِيثَ، إنَّمَا يَلْزَمُ ذَلِكَ فِي مَنْعِ الْبَهَائِمِ وَيَدُلُّ لِمَالِكٍ وَمَنْ وَافَقَهُ حَدِيثُ جَابِرٍ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ بَيْعِ فَضْلِ الْمَاءِ» وَلَمْ يُقَيِّدْهُ بِمَنْعِ فَضْلِ الْكَلَأِ لَكِنَّهُ عِنْدَ غَيْرِهِ مَحْمُولٌ عَلَى الْحَدِيثِ الْآخَرِ وَقَدْ حَكَى ابْنُ حَبِيبٍ عَمَّنْ لَقِيَهُ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ أَنَّ مَعْنَى الْحَدِيثَيْنِ وَاحِدٌ قَالَ

<<  <  ج: ص:  >  >>