للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[طرح التثريب]

وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَابْنُ أَبِي ذِئْبٍ وَجُوَيْرَةَ بْنِ الْعَاصِ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ أُمَيَّةَ وَلَمَّا ذَكَرَهَا أَيُّوبُ السِّخْتِيَانِيُّ وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ تَرَدَّدُوا هَلْ هِيَ فِي الْحَدِيثِ أَمْ مِنْ قَوْلِ نَافِعٍ بَلْ قَالَ أَيُّوبُ فِي رِوَايَةٍ لِلنَّسَائِيِّ: أَكْثَرُ ظَنِّيِّ أَنَّهُ شَيْءٌ يَقُولُهُ نَافِعٌ مِنْ قِبَلِهِ وَلِهَذَا قَالَ ابْنُ ضَاحٍ: لَيْسَ هَذَا مِنْ كَلَامِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وَجَوَابُ ذَلِكَ أَنَّهُ قَدْ ذَكَرَهَا بِالْجَزْمِ مَالِكٌ وَعُبَيْدُ بْنُ عُمَرَ وَجَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ وَرَوَيْت أَيْضًا عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ وَيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ كَمَا تَقَدَّمَ وَمَنْ حَفِظَ حُجَّةٌ عَلَى مَنْ نَسِيَ وَمَنْ جَزَمَ حُجَّةٌ عَلَى مَنْ تَرَدَّدَ؛ وَلِهَذَا قَالَ ابْنُ حَزْمٍ لَمَّا ذَكَرَ هَذَا الْكَلَامَ مَعَ أَنَّ الْمُوَافِقَ لِمَذْهَبِهِ صِحَّتُهُ؛ لِأَنَّهُ يَقُولُ بِالسِّعَايَةِ: لَسْنَا نَلْتَفِتُ إلَى هَذَا؛ لِأَنَّهُ دَعْوَى بِلَا دَلِيلٍ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَا أَحْسَبُ عَالِمًا بِالْحَدِيثِ وَرُوَاتِهِ يَشُكُّ فِي أَنَّ مَالِكًا أَحْفَظُ لِحَدِيثِ نَافِعٍ مِنْ أَيُّوبَ؛ لِأَنَّهُ كَانَ أَلْزَمَ لَهُ مِنْ أَيُّوبَ وَلِمَالِكٍ فَضْلُ حِفْظِهِ لِحَدِيثِ أَصْحَابِهِ خَاصَّةً، وَلَوْ اسْتَوَيَا فِي الْحِفْظِ فَشَكَّ أَحَدُهُمَا فِي شَيْءٍ لَمْ يَشُكَّ فِيهِ صَاحِبُهُ لَمْ يَكُنْ فِي هَذَا مَوْضِعٌ لَأَنْ يُغَلَّطَ بِهِ الَّذِي لَمْ يَشُكَّ إنَّمَا يُغَلَّطُ الرَّجُلُ بِخِلَافِ مَنْ هُوَ أَحْفَظُ مِنْهُ أَوْ يَأْتِي بِشَيْءٍ فِي الْحَدِيثِ يُشْرِكُهُ فِيهِ مَنْ لَمْ يَحْفَظْ مِنْهُ مَا حَفِظَ مِنْهُ هُمْ عَدَدٌ وَهُوَ مُنْفَرِدٌ، وَقَدْ وَافَقَ مَالِكًا فِي زِيَادَةِ ذَلِكَ يَعْنِي غَيْرَهُ مِنْ أَصْحَابِ نَافِعٍ وَزَادَ فِيهِ بَعْضُهُمْ «وَرَقَّ مِنْهُ مَا رَقَّ» . انْتَهَى. وَأَيَّدَ ذَلِكَ الْبَيْهَقِيُّ بِقَوْلِ الْبُخَارِيِّ أَصَحُّ الْأَسَانِيدِ كُلِّهَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَبِأَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ مَهْدِيٍّ كَانَ لَا يُقَدِّمُ عَلَى مَالِكٍ أَحَدًا، وَبِأَنَّ عُثْمَانَ بْنَ سَعِيدٍ الدَّارِمِيَّ قَالَ قُلْت لِيَحْيَى بْنِ مَعِينٍ مَالِكٌ أَحَبُّ إلَيْك مِنْ نَافِعٍ أَمْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ مَالِكٌ (قُلْت) فَأَيُّوبُ السِّخْتِيَانِيُّ قَالَ مَالِكٌ. وَقَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ مَا قَالَهُ مَالِكٌ وَعُبَيْدُ اللَّهِ الْعُمَرِيُّ أَوْلَى، وَقَدْ جَوَّدَاهُ وَهُمَا فِي نَافِعٍ أَثْبَتُ مِنْ أَيُّوبَ عِنْدَ أَهْلِ هَذَا الشَّأْنِ كَيْفَ، وَقَدْ شَكَّ أَيُّوبُ فِيهِ. انْتَهَى.

وَنَقَلَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ عَنْ الْمُخَالِفِينَ أَنَّ قَوْلَهُ عَتَقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ مِنْ قَوْلِ ابْنِ عُمَرَ ثُمَّ قَالَ: وَرَجَّحَ أَصْحَابُ الْحَدِيثِ الْمَأْمُونُونَ عَلَى الدِّينِ أَنَّ حَدِيثَ ابْنِ عُمَرَ كُلَّهُ مِنْ قَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَالَ ابْنُ حَزْمٍ لَيْسَ فِي قَوْلِهِ «عَتَقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ» دَلِيلٌ عَلَى حُكْمِ الْمُعْسِرِ أَصْلًا بَلْ هُوَ مَسْكُوتٌ عَنْهُ فِي هَذَا الْخَبَرِ وَلَا شَكَّ فِي أَنَّهُ قَدْ عَتَقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ وَبَقِيَ حُكْمُ الْمُعْسِرِ فَوَجَبَ طَلَبُهُ مِنْ غَيْرِ هَذَا الْخَبَرِ، وَقَدْ دَلَّ عَلَيْهِ حَدِيثُ الِاسْتِسْعَاءِ الَّذِي سَنَحْكِيهِ. انْتَهَى.

<<  <  ج: ص:  >  >>