للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[طرح التثريب]

وَهُوَ عَجِيبٌ فَإِنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - ذَكَرَ هَذَا الْحُكْمَ وَهُوَ عَتَقَ مَا عَتَقَ مَشْرُوطًا بِأَنْ لَا يَكُونَ لَهُ مَالٌ يَبْلُغُ ثَمَنَ الْعَبْدِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ الِاقْتِصَارُ عَلَى عِتْقِ مَا أَعْتَقَهُ وَاسْتِمْرَارُ الْبَاقِي رَقِيقًا، وَلَوْ كَانَ الْمُرَادُ الْإِخْبَارَ بِعِتْقِ مَا عَتَقَ مَعَ السُّكُوتِ عَنْ الْبَاقِي لَمْ يَشْرِطْ ذَلِكَ فَإِنَّهُ حَاصِلٌ مَعَ الْيَسَارِ وَالْإِعْسَارِ وَهُوَ أَيْضًا وَاضِحٌ لَا فَائِدَةَ فِي الْإِخْبَارِ بِهِ بَلْ فِيهِ بُرُودَةٌ يُصَانُ عَنْهَا كَلَامُ آحَادِ الْفُصَحَاءِ فَكَيْفَ بِكَلَامِ أَفْصَحِ الْخَلْقِ وَأَبْلَغِهِمْ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -.

(السَّادِسَةُ) وَاسْتَدَلَّ الْقَائِلُ بِالِاسْتِسْعَاءِ بِمَا رَوَاهُ الْأَئِمَّةُ السِّتَّةُ مِنْ طَرِيقِ قَتَادَةَ عَنْ النَّضْرِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ بَشِيرِ بْنِ نَهِيكٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «قَالَ مَنْ أَعْتَقَ شَقِيصًا مِنْ مَمْلُوكِهِ فَعَلَيْهِ خَلَاصُهُ فِي مَالِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ قُوِّمَ الْمَمْلُوكُ قِيمَةَ عَدْلٍ ثُمَّ اُسْتُسْعِيَ غَيْرَ مَشْقُوقٍ عَلَيْهِ» .

وَفِي لَفْظٍ لِمُسْلِمٍ فِي الْمَمْلُوكِ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ فَيَعْتِقُ أَحَدُهُمَا بِأَنْ يَضْمَنَ وَفِي لَفْظِهِ لَهُ «مَنْ أَعْتَقَ شَقِيصًا مِنْ مَمْلُوكٍ فَهُوَ حُرٌّ مِنْ مَالِهِ» .

وَفِي لَفْظٍ لِأَبِي دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ «ثُمَّ اُسْتُسْعِيَ لِصَاحِبِهِ فِي قِيمَتِهِ غَيْرَ مَشْقُوقٍ عَلَيْهِ» ثُمَّ قَالَ أَبُو دَاوُد رَوَاهُ رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ لَمْ يَذْكُرْ السِّعَايَةَ، وَكَذَا بَيَّنَ التِّرْمِذِيُّ الِاخْتِلَافَ فِيهِ، وَأَنَّ بَعْضَهُمْ ذَكَرَ السِّعَايَةَ وَبَعْضَهُمْ لَمْ يَذْكُرْهَا.

وَأَجَابَ أَصْحَابُنَا وَغَيْرُهُمْ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ بِأَجْوِبَةٍ:

(أَحَدُهَا) أَنَّ الِاسْتِسْعَاءَ مُدْرَجٌ فِي الْحَدِيثِ لَيْسَ مِنْ كَلَامِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ كَلَامِ قَتَادَةَ، وَقَدْ رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَالْخَطَّابِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ رِوَايَةِ هَمَّامِ بْنِ يَحْيَى عَنْ قَتَادَةَ عَنْ النَّضْرِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ بَشِيرِ بْنِ نَهِيكٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ رَجُلًا أَعْتَقَ شِقْصًا مِنْ مَمْلُوكٍ فَأَجَازَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عِتْقَهُ وَغَرَّمَهُ بَقِيَّةَ ثَمَنِهِ» قَالَ قَتَادَةُ: إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ اسْتَسْعَى الْعَبْدَ غَيْرَ مَشْقُوقٍ عَلَيْهِ فَفِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ فَصَلَ السِّعَايَةَ مِنْ الْحَدِيثِ وَجَعَلَهَا مِنْ قَوْلِ قَتَادَةَ، وَقَدْ ذَهَبَ إلَى هَذَا غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ الْأَئِمَّةِ قَالَ النَّسَائِيُّ فِي سُنَنِهِ الْكَلَامُ الْأَخِيرُ يَعْنِي الِاسْتِسْعَاءَ مِنْ قَوْلِ قَتَادَةَ بَلَغَنِي أَنَّ هَمَّامًا رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ فَجَعَلَ هَذَا الْكَلَامَ مِنْ قَوْلِ قَتَادَةَ وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ طَرِيقِ شُعْبَةَ عَنْ قَتَادَةَ بِدُونِ ذِكْرِ الِاسْتِسْعَاءِ ثُمَّ قَالَ وَافَقَهُ هِشَامٌ الدَّسْتُوَائِيُّ لَمْ يَذْكُرْ الِاسْتِسْعَاءَ وَشُعْبَةُ وَهِشَامٌ أَحْفَظُ مَنْ رَوَاهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>