. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
/وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ قَالَ إسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ، وَقِيلَ فِي الْغَنَائِمِ كُلِّهَا (لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ) كَمَا قِيلَ فِي الْخُمُسِ لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ فَكَانَتْ الْأَنْفَالُ كُلُّهَا لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَلْ عَلِمَ الْمُسْلِمُونَ أَنَّ الْأَمْرَ فِيهَا مَرْدُودٌ إلَيْهِ فَقَسَّمَهَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَكَانَ فِيهَا كَرَجُلٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ بَلْ لَعَلَّ مَا أَخَذَ مِنْ ذَلِكَ أَقَلَّ مِنْ حَظِّ رَجُلٍ بَلَغَنَا أَنَّهُ تَنَفَّلَ سَيْفَهُ ذَا الْفَقَارِ يَوْمَ بَدْرٍ، وَقِيلَ جَمَلًا لِأَبِي جَهْلٍ، وَقَدْ عَلِمَ كُلُّ ذِي عَقْلٍ أَنَّهُ لَا شِرْكَ بَيْنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَبَيْنَ أَحَدٍ مِنْ النَّاسِ، وَإِنَّ مَا كَانَ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ فَالْمَعْنِيُّ بِهِ وَاحِدٌ لِأَنَّ طَاعَةَ اللَّهِ طَاعَةُ رَسُولِهِ، وَسُئِلَ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ} [الأنفال: ٤١] قَالَ هَذَا مِفْتَاحُ كَلَامِ وَلِلَّهِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةُ قَالَ الْمُهَلَّبُ: وَإِنَّمَا خَصَّ بِنِسْبَةِ الْخُمُسِ إلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِأَنَّهُ لَيْسَ لِلْغَانِمِينَ فِيهِ دَعْوَى، وَإِنَّمَا هُوَ إلَى اجْتِهَادِ الْإِمَامِ فَإِنْ رَأَى دَفْعَهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ لِمَا يَخْشَى أَنْ يَنْزِلَ بِالْمُسْلِمِينَ دَفَعَهُ، أَوْ يَجْعَلُهُ فِيمَا يَرَاهُ، وَقَدْ يُقَسِّمُ مِنْهُ لِلْغَانِمِينَ كَمَا أَنَّهُ يُعْطِي مِنْ الْمَغَانِمِ لِغَيْرِ الْغَانِمِينَ كَمَا قَسَّمَ لِجَعْفَرٍ وَغَيْرِهِ مِمَّنْ لَمْ يَشْهَدْ الْوَقْعَةَ، فَالْخُمُسُ وَغَيْرُهُ [يَرْجِعُ] إلَى قِسْمَتِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَاجْتِهَادِهِ، وَلَيْسَ لَهُ فِي الْخُمُسِ مِلْكٌ، وَلَا يَتَمَلَّكُ مِنْ الدُّنْيَا إلَّا قَدْرَ حَاجَتِهِ، وَغَيْرُ ذَلِكَ كُلِّهِ عَائِدٌ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَهَذَا مَعْنًى لِتَسْمِيَتِهِ الْقَاسِمَ، وَلَيْسَتْ هَذِهِ التَّسْمِيَةُ بِمُوجِبَةٍ أَنْ لَا يَكُونَ لَهُ أَثَرَةٌ فِي اجْتِهَادِهِ لِقَوْمٍ دُونَ قَوْمٍ انْتَهَى.
وَفِيهِ نَظَرٌ فَظَاهِرُ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ أَنَّ خُمُسَ الْخُمُسِ لِلرَّسُولِ مِلْكًا لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي اللَّامِ الدَّلَالَةُ عَلَى الْمِلْكِ فَصَرْفُهَا عَنْ مَدْلُولِهَا يَحْتَاجُ إلَى دَلِيلٍ، وَلَيْسَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ التَّصْرِيحُ بِأَنَّهُ فِي الْخُمُسِ فَكَيْفَ تَرِدُ دَلَالَةُ الْقُرْآنِ الصَّرِيحَةِ بِمَا لَا دَلِيلَ فِيهِ، وَهَلْ يَدُلُّ قَوْلَ الْقَائِلِ أَنَا قَاسِمٌ أَوْ أَنَا خَازِنٌ عَلَى أَنَّهُ لَا مِلْكَ لَهُ فِي شَيْءٍ أَصْلًا، وَهَذَا مِنْ أَيِّ الدَّلَالَاتِ.
وَأَمَّا مَا حَكَاهُ عَنْ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ أَنَّهُ قَالَ فِي ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى فِي هَذِهِ الْآيَةِ أَنَّهُ افْتِتَاحُ كَلَامٍ فَأَنَّ لَهُ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ فَهُوَ كَلَامٌ صَحِيحٌ فَلَا مَعْنَى لِجَعْلِ سَهْمٍ لِلَّهِ وَلَهُ جَمِيعُ الْأُمُورِ، وَلَوْ جُعِلَ لِلَّهِ سَهْمٌ لَكَانَتْ قِسْمَةُ الْخُمُسِ عَلَى سِتَّةٍ، وَلَا قَائِلَ بِهِ، وَلَا يَلْزَمُ ذَلِكَ فِي ذِكْرِ الرَّسُولِ فَإِنَّهُ بَشَرٌ يَتَأَتَّى لَهُ الْمِلْكُ كَالْأَصْنَافِ الْمَذْكُورَةِ بَعْدَهُ، وَبِهَذَا قَالَ الْأَكْثَرُونَ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute