. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ أَنَّ خُمُسَ الْغَنِيمَةِ وَالْفَيْءِ يُقَسَّمُ عَلَى خَمْسَةِ أَسْهُمٍ: سَهْمٍ لِلرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَسَهْمٍ لِذَوِي قَرَّبَاهُ، وَهُمْ بَنُو هَاشِمٍ وَبَنُو الْمُطَّلِبِ يَشْتَرِكُ غَنِيُّهُمْ وَفَقِيرُهُمْ، وَسَهْمٍ لِلْيَتَامَى وَهُوَ صَغِيرٌ لَا أَبَ لَهُ بِشَرْطِ الْفَقْرِ، وَسَهْمٍ لِلْمَسَاكِينِ، وَسَهْمٍ لِابْنِ السَّبِيلِ. فَسَهْمُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُنْفِقُ مِنْهُ عَلَى نَفْسِهِ وَأَهْلِهِ وَمَصَالِحِهِ، وَمَا فَضَلَ جَعَلَهُ فِي السِّلَاحِ عُدَّةً فِي سَبِيلِ اللَّهِ تَعَالَى، وَفِي سَائِرِ الْمَصَالِحِ.
وَأَمَّا بَعْدَهُ فَقَالَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ يُصْرَفُ هَذَا السَّهْمُ فِي مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ لِسَدِّ الثُّغُورِ وَعِمَارَةِ الْحُصُونِ وَالْقَنَاطِرِ وَالْمَسَاجِدِ، وَأَرْزَاقِ الْقُضَاةِ وَالْأَئِمَّةِ، وَيُقَدَّمُ الْأَهَمُّ فَالْأَهَمُّ، وَنَقَلَ الشَّافِعِيُّ عَنْ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ أَنَّ هَذَا السَّهْمَ يُرَدُّ عَلَى أَهْلِ السِّهَامِ الَّذِينَ ذَكَرَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى فَذَكَرَ أَبُو الْفَتْحِ الزَّاز أَنَّ بَعْضَ الْأَصْحَابِ جَعَلَ هَذَا قَوْلًا لِلشَّافِعِيِّ لِأَنَّهُ اسْتَحْسَنَ، وَحَكَى الْغَزَالِيُّ فِي الْوَسِيطِ وَجْهًا أَنَّ هَذَا السَّهْمَ يُصْرَفُ إلَى الْإِمَامِ لِأَنَّهُ خَلِيفَةُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ النَّوَوِيُّ فِي الرَّوْضَةِ، وَهَذَانِ النَّقْلَانِ شَاذَّانِ مَرْدُودَانِ، وَعَنْ أَحْمَدَ رِوَايَةٌ أَنَّ هَذَا السَّهْمَ يُصْرَفُ فِي السِّلَاحِ وَالْكُرَاعِ وَالْمُقَاتِلَةِ خَاصَّةً، وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إلَى سُقُوطِ سَهْمِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لِمَوْتِهِ، وَكَذَلِكَ أَسْقَطُوا سَهْمَ ذَوِي الْقُرْبَى بِمَوْتِهِ، وَقَالَ إنَّهُمْ إنَّمَا كَانُوا يَسْتَحِقُّونَهُ فِي زَمَنِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - بِالنُّصْرَةِ، وَقَدْ زَالَتْ بِمَوْتِهِ، وَاخْتَلَفُوا فِي إعْطَاءِ الْفُقَرَاءِ مِنْهُمْ فَقَالَ الْكَرْخِيُّ وَغَيْرُهُ يُعْطَى الْفَقِيرُ مِنْهُمْ مِنْ السَّهْمَانِ الثَّلَاثَةَ، وَتَقَدَّمَ، وَقَالَ الطَّحَاوِيُّ وَغَيْرُهُ: الْفَقِيرُ مِنْهُمْ سَاقِطٌ أَيْضًا فَالْقِسْمَةُ الْآنَ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَسْهُمٍ فَقَطْ.
(الرَّابِعَةُ) فِي رِوَايَتِنَا أَنَّهُ خَازِنٌ، وَفِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ (قَاسِمٌ) وَالْأَمْرَانِ مَجْمُوعَانِ لَهُ الْيَدُ لَهُ حَيْثُ يَقْتَضِي الْحَالُ الْخَزْنَ، وَالصَّرْفَ مِنْ يَدِهِ حَيْثُ يَقْتَضِي الْحَالُ الْقَسْمَ، وَمَعْنَى الْحَدِيثِ أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لَمْ يَكُنْ يَسْتَنِدُ فِيمَا كَانَ يَفْعَلُهُ مِنْ الْإِعْطَاءِ وَالْمَنْعِ إلَى غَرَضِ نَفْسِهِ بَلْ هُوَ وَاقِفٌ مَعَ أَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى فِيهِ فَيُعْطِي لِلَّهِ، وَيَمْنَعُ لِلَّهِ، وَلَا يَقْصِدُ بِكُلِّ أَفْعَالِهِ إلَّا وَجْهَ اللَّهِ تَعَالَى كَمَا قَالَ فِي الْحَدِيثِ «مَنْ أَعْطَى لِلَّهِ وَمَنَعَ لِلَّهِ وَأَحَبَّ لِلَّهِ وَأَبْغَضَ لِلَّهِ فَقَدْ اسْتَكْمَلَ الْإِيمَانَ» .
(الْخَامِسَةُ) . أَوْرَدَهُ أَبُو دَاوُد فِي بَابِ مَا يَلْزَمُ الْإِمَامَ مِنْ أَمْرِ الرَّعِيَّةِ، وَأَشَارَ بِذَلِكَ إلَى أَنَّهُ يَلْزَمُ الْأَئِمَّةَ الِاقْتِدَاءُ بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي ذَلِكَ فَيَكُونُ عَطَاؤُهُمْ وَمَنْعُهُمْ لِلَّهِ تَعَالَى.
(السَّادِسَةُ) أَوْرَدَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute