. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَا بَالُ قَوْمٍ بَلَغُوا فِي الْقَتْلِ حَتَّى قَتَلُوا الْوِلْدَانَ فَقَالَ رَجُلٌ أَوَ لَيْسَ أَبْنَاؤُهُمْ أَوْلَادَ الْمُشْرِكِينَ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوَ لَيْسَ خِيَارُكُمْ أَوْلَادَ الْمُشْرِكِينَ إنَّهُ لَيْسَ مِنْ مَوْلُودٍ إلَّا وَهُوَ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ فَيُعَبِّرُ عَنْهُ لِسَانُهُ وَيُهَوِّدُهُ أَبَوَاهُ أَوْ يُنَصِّرَانِهِ»
{الثَّالِثَةُ} حَكَى ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ عَنْ طَائِفَةٍ أَنَّهُ لَيْسَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَا يَقْتَضِي الْعُمُومَ، وَأَنَّ مَعْنَاهُ أَنَّ كُلَّ مَنْ وُلِدَ عَلَى الْفِطْرَةِ، وَكَانَ أَبَوَاهُ عَلَى غَيْرِ الْإِسْلَامِ هَوَّدَاهُ أَوْ نَصَّرَاهُ أَوْ مَجَّسَاهُ قَالُوا: وَلَيْسَ مَعْنَاهُ أَنَّ جَمِيعَ الْمَوْلُودِينَ يُولَدُونَ عَلَى الْفِطْرَةِ بَلْ الْمَعْنَى أَنَّ الْمَوْلُودَ عَلَى الْفِطْرَةِ بَيْنَ الْأَبَوَيْنِ الْكَافِرَيْنِ يُكَفِّرَانِهِ، وَكَذَا مِنْ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ، وَكَانَ أَبَوَاهُ كَافِرَيْنِ حُكِمَ لَهُ بِحُكْمِهِمَا فِي صِغَرِهِ حَتَّى يَبْلُغَ فَيَكُونَ لَهُ حُكْمُ نَفْسِهِ حِينَئِذٍ لَا حُكْمُ أَبَوَيْهِ، وَاحْتَجَّ هَؤُلَاءِ بِحَدِيثِ الْغُلَامِ الَّذِي قَتَلَهُ الْخَضِرُ فَإِنَّهُ لَمْ يُولَدْ عَلَى الْفِطْرَةِ بَلْ طُبِعَ كَافِرًا.
، وَحَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ مَرْفُوعًا «أَلَا إنَّ بَنِي آدَمَ خُلِقُوا طَبَقَاتٍ شَتَّى فَمِنْهُمْ مَنْ يُولَدُ مُؤْمِنًا، وَيَحْيَى مُؤْمِنًا، وَيَمُوتُ مُؤْمِنًا، وَمِنْهُمْ مَنْ يُولَدُ كَافِرًا، وَيَحْيَى كَافِرًا، وَيَمُوتُ كَافِرًا، وَمِنْهُمْ مِنْ يُولَدُ مُؤْمِنًا، وَيَحْيَى مُؤْمِنًا، وَيَمُوتُ كَافِرًا، وَمِنْهُمْ مِنْ يُولَدُ كَافِرًا، وَيَحْيَى كَافِرًا، وَيَمُوتُ مُؤْمِنًا» . وَيَرُدُّ هَذَا التَّأْوِيلَ لَفْظُ الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ «مَا مِنْ مَوْلُودٍ يُولَدُ إلَّا عَلَى هَذِهِ الْفِطْرَةِ» .
{الرَّابِعَةُ} قَوْلُهُ «فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ وَيُنَصِّرَانِهِ» يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ بِطَرِيقِ الْعَقْلِ، وَالتَّعْلِيمِ، وَالتَّسْبِيبِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ بِالتَّبَعِيَّةِ حُكْمًا، وَإِنْ لَمْ يَقَعْ ذَلِكَ فِعْلًا، وَفِيهِ عَلَى الثَّانِي تَبَعِيَّةُ الصَّغِيرِ لِأَبَوَيْهِ الْكَافِرَيْنِ فِي حُكْمِ الْكُفْرِ، وَهُوَ كَذَلِكَ بِالْإِجْمَاعِ، وَالْوَاوُ فِي قَوْلِهِ وَيُنَصِّرَانِهِ بِمَعْنَى أَوْ لِأَنَّ الْأَبَوَيْنِ لَا يَفْعَلَانِ الْأَمْرَيْنِ مَعًا، وَإِنَّمَا يَفْعَلَانِ أَحَدَهُمَا.
{الْخَامِسَةُ} قَوْلُهُ «كَمَا تَنَاتَجُ الْإِبِلُ» أَيْ تَتَنَاتَجُ فَحَذَفَ إحْدَى التَّاءَيْنِ تَخْفِيفًا وَقَوْلُهُ «جَمْعَاءَ» بِفَتْحِ الْجِيمِ، وَإِسْكَانِ الْمِيمِ، وَبِالْمَدِّ أَيْ مُجْتَمَعَةً الْأَعْضَاءِ سَلِيمَةً مِنْ النَّقْصِ، وَقَوْلُهُ «هَلْ تُحِسُّ» بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَكَسْرِ ثَانِيهِ وَتَشْدِيدِ ثَالِثِهِ مِنْ الْإِحْسَاسِ، وَهُوَ الْإِدْرَاكُ بِأَحَدِ الْحَوَاسِّ، وَقَوْلُهُ «جَدْعَاءَ» بِفَتْحِ الْجِيمِ، وَإِسْكَانِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ، وَبِالْمَدِّ أَيْ مَقْطُوعَةَ الْأُذُنِ أَوْ غَيْرِهَا مِنْ الْأَعْضَاءِ، وَمَعْنَاهُ أَنَّ الْبَهِيمَةَ تَلِدُ الْبَهِيمَةَ كَامِلَةَ الْأَعْضَاءِ لَا نَقْصَ فِيهَا، وَإِنَّمَا يَحْصُلُ فِيهَا النَّقْصُ، وَالْجَدْعُ بَعْدَ وِلَادَتِهَا فَكَذَلِكَ يَخْرُجُ الْمَوْلُودُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute