للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[طرح التثريب]

سَلِيمًا مِنْ الْكُفْرِ، وَإِنَّمَا يَطْرَأُ لَهُ ذَلِكَ بَعْدُ، وَقَوْلُهُ فِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ «تُنْتَجُونَ» بِضَمِّ أَوَّلِهِ، وَإِسْكَانِ ثَانِيهِ، وَفَتْحِ ثَالِثِهِ.

وَقَوْلُهُ «الْإِبِلَ» مَنْصُوبٌ عَلَى الْمَفْعُولِيَّةِ، وَهَذَا الْفِعْلُ مَبْنِيٌّ لِلْفَاعِلِ، وَإِنْ كَانَتْ صِيغَتُهُ صِيغَةَ الْمَبْنِيِّ لِلْمَفْعُولِ، وَقَوْلُ أَبِي الْعَبَّاسِ الْقُرْطُبِيِّ إنَّهُ مَبْنِيٌّ لِمَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ إنْ أَرَادَ فِي الصُّورَةِ، وَإِلَّا فَهُوَ، وَهْمٌ فَقَدْ ذُكِرَ فَاعِلُهُ مَعَهُ.

{السَّادِسَةُ} قَوْلُهُ «يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَرَأَيْت مَنْ يَمُوتُ وَهُوَ صَغِيرٌ» هَذَا السُّؤَالُ إنَّمَا هُوَ عَنْ أَوْلَادِ الْمُشْرِكِينَ، وَقَدْ صُرِّحَ بِذَلِكَ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَكِلَاهُمَا فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ، وَمُسْلِمٍ، وَقَوْلُهُ «اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ» .

اسْتَدَلَّ بِهِ مَنْ ذَهَبَ إلَى التَّوَقُّفِ فِي أَوْلَادِ الْمُشْرِكِينَ، وَأَنَّا لَا نَدْرِي هَلْ هُمْ فِي الْجَنَّةِ أَمْ فِي النَّارِ، وَمَعْنَى الْحَدِيثِ أَنَّهُ مَنْ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّهُ إنْ بَلَغَ كَانَ مُسْلِمًا فَهُوَ فِي الْجَنَّةِ، وَمَنْ عَلِمَ أَنَّهُ إنْ بَلَغَ كَانَ كَافِرًا كَانَ فِي النَّارِ، وَقَدْ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي أَوْلَادِ الْمُسْلِمِينَ فَالْأَكْثَرُونَ عَلَى الْجَزْمِ بِأَنَّهُمْ فِي الْجَنَّةِ، وَقِيلَ فِيهِمْ يُتَوَقَّفُ، وَاحْتَجَّ قَائِلُهُ بِمَا فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - قَالَتْ «تُوُفِّيَ صَبِيٌّ مِنْ الْأَنْصَارِ فَقُلْت طُوبَى لَهُ عُصْفُورٌ مِنْ عَصَافِيرِ الْجَنَّةِ لَمْ يَعْمَلْ السُّوءَ وَلَمْ يُدْرِكْهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ يَا عَائِشَةُ إنَّ اللَّهَ خَلَقَ لِلْجَنَّةِ أَهْلًا خَلَقَهُمْ لَهَا، وَهُمْ فِي أَصْلَابِ آبَائِهِمْ، وَخَلَقَ لِلنَّارِ أَهْلًا خَلَقَهُمْ لَهَا، وَهُمْ فِي أَصْلَابِ آبَائِهِمْ» .

وَحَكَى النَّوَوِيُّ الْأَوَّلَ عَنْ إجْمَاعِ مَنْ يَعْتَدُّ بِهِ مِنْ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ، وَالتَّوَقُّفِ عَنْ بَعْضِ مَنْ لَا يُعْتَدُّ بِهِ، وَقَالَ، وَأَجَابَ الْعُلَمَاءُ عَنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ بِأَنَّهُ لَعَلَّهُ نَهَاهَا عَنْ التَّسَرُّعِ إلَى الْقَطْعِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ عِنْدَهَا دَلِيلٌ قَاطِعٌ كَمَا أَنْكَرَ عَلَى سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ قَوْلَهُ «إنِّي لَا أَرَاهُ مُؤْمِنًا قَالَ أَوْ مُسْلِمًا» الْحَدِيثَ.

قَالَ وَيَحْتَمِلُ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ هَذَا قَبْلَ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ أَطْفَالَ الْمُسْلِمِينَ فِي الْجَنَّةِ فَلَمَّا عَلِمَ قَالَ ذَلِكَ فِي قَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَمُوتُ لَهُ ثَلَاثَةٌ مِنْ الْوَلَدِ لَمْ يَبْلُغُوا الْحِنْثَ إلَّا أَدْخَلَهُ اللَّهُ الْجَنَّةَ بِفَضْلِ رَحْمَتِهِ إيَّاهُمْ» وَغَيْرَ ذَلِكَ مِنْ الْأَحَادِيثِ انْتَهَى.

وَذَكَرَ الْمَازِرِيُّ أَنَّ بَعْضَهُمْ يُنْكِرُ الْخِلَافَ فِي ذَلِكَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ} [الطور: ٢١] قَالَ وَبَعْضُ الْمُتَكَلِّمِينَ يَقِفُ فِيهِمْ، وَلَا يَرَى نَصًّا قَاطِعًا بِكَوْنِهِمْ فِي الْجَنَّةِ، وَلَمْ يَثْبُتْ عِنْدَهُ الْإِجْمَاعُ فَيَقُولُ بِهِ، وَاسْتَثْنَى قَبْلَ ذَلِكَ مِنْ الْخِلَافِ أَوْلَادَ الْأَنْبِيَاءٍ - عَلَيْهِمْ السَّلَامُ -

<<  <  ج: ص:  >  >>