. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
الْعُلَمَاءُ هَذَا مَحْمُولٌ عَلَى سُلْطَانِهَا وَمِلْكِهَا وَفَتْحِ بِلَادِهَا وَأَخْذِ خَزَائِنِ أَمْوَالِهَا، وَقَدْ وَقَعَ ذَلِكَ كُلُّهُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ، وَهُوَ مِنْ الْمُعْجِزَاتِ.
(الثَّالِثَةُ) قَوْلُهُ «فَوُضِعَ فِي يَدَيَّ» بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ عَلَى التَّثْنِيَةِ وَقَوْلُهُ «سُوَارَانِ» ) هُوَ بِكَسْرِ السِّينِ وَضَمِّهَا لُغَتَانِ مَشْهُورَتَانِ وَفِيهِ لُغَةٌ ثَالِثَةٌ وَهِيَ أَسْوَارٌ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ.
(الرَّابِعَةُ) قَوْلُهُ «فَكَبُرَا عَلَيَّ» بِضَمِّ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَقَوْلُهُ «وَأَهَمَّانِي» بِهَمْزَةٍ أَوَّلُهُ وَيُسْتَعْمَلُ ثُلَاثِيًّا أَيْضًا يُقَالُ هَمَّنِي الْأَمْرُ وَأَهَمَّنِي بِمَعْنًى وَاحِدٍ قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ الْقُرْطُبِيُّ وَإِنَّمَا أَهَمَّهُ شَأْنُهُمَا لِأَنَّهُمَا مِنْ حِلْيَةِ النِّسَاءِ وَمِمَّا يُحَرَّمُ عَلَى الرِّجَالِ.
(الْخَامِسَةُ) قَوْلُهُ «فَأَوْحَى اللَّهُ إلَيَّ أَنْ أَنْفُخَهُمَا فَنَفَخْتهمَا» هُوَ بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَنَفْخُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَهُمَا «فَذَهَبَا» وَفِي رِوَايَةٍ «فَطَارَا» دَلِيلٌ لِانْمِحَاقِهِمَا وَاضْمِحْلَالِ أَمْرِهِمَا وَكَانَ كَذَلِكَ، وَهُوَ مِنْ الْمُعْجِزَاتِ وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرِ بْنُ الْعَرَبِيِّ، وَلَمْ يُوحَ إلَيْهِ أَنْ أَخْرِجْهُمَا بِيَدَيْك أَوْ ارْمِ بِهِمَا عَنْ يَدَيْك فَكَانَ النَّفْخُ دَلِيلًا عَلَى أَنَّهُمَا مَرْمِيَّانِ بِبَرَكَتِهِ أَيْ أَنَّ غَيْرَهُ يَفْعَلُهُمَا بِنِسْبَتِهِ إلَيْهِ وَكَوْنِهِ مِنْهُ قَالَ وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ النَّفْخُ مَثَلًا دَلِيلًا عَلَى ضَعْفِ حَالِهِمَا فَإِنَّهُ كَانَ شَدِيدًا لَمْ يَنْزِلْ بِالْمُسْلِمِينَ مِثْلُهُ قَطُّ وَلَوْ قِيلَ إنَّهُ مَثَلٌ عَلَى ضَعْفِهِمَا لَقُلْنَا إنَّهُ مَثَلٌ ضَمِنَ الْوَجْهَيْنِ.
(السَّادِسَةُ) قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ الْقُرْطُبِيُّ ظَاهِرُهُ أَنَّ هَذَا وَحْيٌ مِنْ جِهَةِ الْمَلَكِ عَلَى غَالِبِ عَادَتِهِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ إلْهَامًا.
(السَّابِعَةُ) قَوْلُهُ «فَأَوَّلْتهمَا الْكَذَّابَيْنِ» قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ إنَّمَا تَأَوَّلَ ذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ فِيهِمَا لَمَّا كَانَ السُّوَارَانِ فِي الْيَدَيْنِ جَمِيعًا مِنْ الْجِهَتَيْنِ وَكَانَ حِينَئِذٍ النَّبِيُّ بَيْنَهُمَا وَتَأَوَّلَ السُّوَارَيْنِ عَلَى الْكَذَّابَيْنِ وَمَنْ يُنَازِعُهُ الْأَمْرَ لِوَضْعِهِمَا غَيْرَ مَوْضِعِهِمَا إذْ هُمَا مِنْ حُلِيِّ النِّسَاءِ وَمَوْضِعُهُمَا أَيْدِيهِمَا لَا أَيْدِي الرِّجَالِ وَكَذَلِكَ الْكَذِبُ وَالْبَاطِلُ هُوَ الْإِخْبَارُ بِالشَّيْءِ عَلَى مَوْضِعِهِ مَعَ كَوْنِهِمَا مِنْ ذَهَبٍ، وَهُوَ حَرَامٌ عَلَى الرِّجَالِ وَلِمَا فِي اسْمِ السُّوَارَيْنِ مِنْ لَفْظِ السُّوَرِ لِقَبْضِهِمَا عَلَى يَدَيْهِ وَلَيْسَا مِنْ حِلْيَتِهِ وَلِأَنَّ كَوْنَهُمَا مِنْ ذَهَبٍ إشْعَارًا بِذَهَابِ أَمْرِهِمَا وَبُطْلَانِ بَاطِلِهِمَا وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرِ بْنُ الْعَرَبِيِّ السُّوَارُ مِنْ آلَاتِ الْمُلُوكِ قَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى مُخْبِرًا عَنْ الْكُفَّارِ {فَلَوْلا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مِنْ ذَهَبٍ} [الزخرف: ٥٣] وَلِلْيَدِ فِي الْعَرَبِيَّةِ مَعَانٍ كَثِيرَةٌ مِنْهَا الْقُوَّةُ وَالسُّلْطَانُ وَالْقَهْرُ وَالْغَلَبَةُ تَقُولُ الْعَرَبُ مَا لِي بِهَذَا الْأَمْرِ يَدَانِ وَلِذَلِكَ أَوَّلَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُنَازِعًا لَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute