للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[طرح التثريب]

يَخْرُجُ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ ضَرَبَ الْمَثَلَ بِالسُّوَارِ كِنَايَةً عَنْ الْأَسْوَارِ، وَهُوَ الْمِلْكُ وَحَذَفَ الْهَمْزَةَ وَكَثِيرًا مَا يُضْرَبُ الْمِلْكُ الْأَمْثَالَ بِالْحَذْفِ مِنْ الْحُرُوفِ وَبِالزِّيَادَةِ فِيهَا، وَهُوَ مَعْلُومٌ عِنْدَ أَهْلِ الصِّنَاعَةِ انْتَهَى.

وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ الْقُرْطُبِيُّ وَجْهُ مُنَاسَبَةِ هَذَا التَّأْوِيلِ لِهَذِهِ الرُّؤْيَا أَنَّ أَهْلَ صَنْعَاءَ وَالْيَمَامَةِ كَانُوا قَدْ أَسْلَمُوا وَكَانَا كَالسَّاعِدَيْنِ لِلْإِسْلَامِ فَلَمَّا ظَهَرَ فِيهِمَا هَذَانِ الْكَذَّابَانِ وَتَبَهَّرَ حَالُهُمَا بِتُرَّهَاتِهِمَا وَزَخْرَفَا أَقْوَالَهُمَا فَانْخَدَعَ الْفَرِيقَانِ بِتِلْكَ الْبَهْرَجَةِ فَكَانَ الْبَلَدَانِ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمَنْزِلَةِ يَدَيْهِ وَالسُّوَارَانِ فِيهِمَا هُمَا مُسَيْلِمَةُ وَصَاحِبُ صَنْعَاءَ بِمَا زَخْرَفَا مِنْ أَقْوَالِهِمَا.

(الثَّامِنَةُ) قَوْلُهُ «الَّذِينَ أَنَا بَيْنَهُمَا» يَقْتَضِي وُجُودَهُمَا حِينَ هَذِهِ الرُّؤْيَا، وَهُوَ كَذَلِكَ وَقَوْلُهُ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى «فَأَوَّلْتهمَا كَذَّابَيْنِ يَخْرُجَانِ بَعْدِي» .

قَدْ يَقْتَضِي خِلَافَ ذَلِكَ وَالْجَمْعُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْمُرَادَ بِخُرُوجِهَا بَعْدَهُ ظُهُورُ شَوْكَتِهِمَا وَمُحَارَبَتِهِمَا قَالَ النَّوَوِيُّ قَالَ الْعُلَمَاءُ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «يَخْرُجَانِ بَعْدِي» أَيْ يُظْهِرَانِ شَوْكَتَهُمَا وَمُحَارَبَتَهُمَا وَدَعْوَاهُمَا النُّبُوَّةَ وَإِلَّا فَقَدْ كَانَ فِي زَمَنِهِ.

(التَّاسِعَةُ) قَوْلُهُ (صَاحِبُ صَنْعَاءَ وَصَاحِبُ الْيَمَامَةِ) يَقْتَضِي أَنَّ التَّنْصِيصَ عَلَيْهِمَا مِنْ كَلَامِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَوْلُهُ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى فَكَانَ أَحَدُهُمَا الْعَنْسِيَّ صَاحِبُ صَنْعَاءَ وَالْآخَرُ مُسَيْلِمَةُ صَاحِبُ الْيَمَامَةِ قَدْ يُفْهَمُ أَنَّ ذَلِكَ مِنْ كَلَامِ الرَّاوِي، وَهُوَ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ أَحَدُهُمَا الْعَنْسِيُّ الَّذِي قَتَلَهُ فَيْرُوزُ بِالْيَمَنِ وَالْآخَرُ مُسَيْلِمَةُ الْكَذَّابُ.

وَقَدْ يُقَالُ لَا مُنَافَاةَ بَيْنَهُمَا فَقَدْ قَالَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَالَهُ الرَّاوِي وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(الْعَاشِرُ) صَاحِبُ صَنْعَاءَ هُوَ الْعَنْسِيُّ بِفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَإِسْكَانِ النُّونِ وَكَسْرِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَاسْمُهُ الْأَسْوَدُ بْنُ كَعْبٍ وَيُلَقَّبُ بِذِي حِمَارٍ وَسَبَبُ تَلْقِيبِهِ بِذَلِكَ عَلَى مَا قَالَهُ ابْنُ إِسْحَاقَ أَنَّهُ لَقِيَهُ حِمَارٌ فَعَثَرَ وَسَقَطَ لِوَجْهِهِ فَقَالَ سَجَدَ لِي الْحِمَارُ فَارْتَدَّ عَنْ الْإِسْلَامِ وَادَّعَى النُّبُوَّةَ وَتَخَرَّقَ عَلَى الْجُهَّالِ فَاتَّبَعُوهُ وَغَلَبَ عَلَى صَنْعَاءَ وَأَخْرَجَ مِنْهَا الْمُهَاجِرَ بْنَ أَسَدٍ الْمَخْزُومِيَّ وَكَانَ عَامِلًا لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَيْهَا وَانْتَشَرَ أَمْرُهُ وَغَلَبَ عَلَى امْرَأَةٍ مُسْلِمَةٍ مِنْ الْأَسَاوِرَةِ فَتَزَوَّجَهَا فَدَسَّتْ إلَى قَوْمٍ مِنْ الْأَسَاوِرَةِ إنِّي قَدْ صَنَعْت سِرْبًا يُوصَلُ مِنْهُ إلَى مَرْقَدِ الْأَسْوَدِ وَدَلَّتْهُمْ عَلَى ذَلِكَ فَدَخَلَ مِنْهُ قَوْمٌ مِنْهُمْ فَيْرُوزُ الدَّيْلَمِيُّ وَقَيْسُ بْنُ مَكْشُوحٍ فَقَتَلُوهُ وَجَاءُوا بِرَأْسِهِ إلَى رَسُولِ اللَّهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>