للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[طرح التثريب]

الْآخَرِ ذَلِكَ بِتُرْبَةِ الْأَرْضِ وَبِتُرَابِ الْأَرْضِ.

وَأَمَّا جَعْلُهُ ذَلِكَ مِمَّا خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ فَهُوَ أَيْضًا خِلَافُ الْأَصْلِ خُصُوصًا مَا إذَا ذُكِرَ ذَلِكَ فِي مَعْرِضِ إظْهَارِ التَّشْرِيفِ، وَالتَّخْصِيصِ بِذَلِكَ، فَلَوْ خُصِّصَ بِأَمْرٍ زَائِدٍ عَلَى تُرَابِ الْأَرْضِ لَمَّا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي حَدِيثِ حُذَيْفَةَ.

وَأَمَّا قَوْلُهُ إنَّ تُرَابَ كُلِّ شَيْءٍ بِحَسْبِهِ كَتُرَابِ الزِّرْنِيخِ فَلَيْسَ فِي حَدِيثِ حُذَيْفَةَ إلَّا ذِكْرُ التُّرَابِ الْمُطْلَقِ؛ لِأَنَّ التُّرَابَ مُقَيَّدٌ كَالْمَاءِ الْمُطَهِّرِ سَوَاءٌ فَهَلَّا قَالَ يَصِحُّ التَّطَهُّرُ بِمَاءِ الْوَرْدِ وَمَاءِ الْبَاقِلَّا؛ لِأَنَّهُ مَاءٌ بَلْ اقْتَصَرَ عَلَى الْمَاءِ الْمُطْلَقِ فَكَذَلِكَ الْحُكْمُ فِي التَّيَمُّمِ يَجِبُ تَخْصِيصُهُ بِالتُّرَابِ الْمُطْلَقِ، وَهُوَ تُرَابُ الْأَرْضِ الْمَذْكُورِ فِي الْحَدِيثِ.

وَأَمَّا مَا ذَكَرَهُ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ مِنْ أَنَّهُ اُعْتُرِضَ بِكَوْنِ التُّرْبَةِ لَيْسَتْ مُرَادِفَةً لِلتُّرَابِ فَهُوَ مَمْنُوعٌ فَقَدْ ذَكَرَ الْهَرَوِيُّ فِي الْعُرَنِيِّينَ وَابْنُ الْأَثِيرِ فِي النِّهَايَةِ وَغَيْرِهِمَا أَنَّ التُّرَابَ وَالتُّرْبَةَ وَاحِدٌ وَأَيْضًا فَفِي حَدِيثِ حُذَيْفَةَ عِنْدَ الْبَيْهَقِيّ وَجَعَلَ تُرَابَهَا لَنَا طَهُورًا وَهِيَ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي مَالِكٍ الْأَشْجَعِيِّ عَنْ رِبْعِيٍّ عَنْ حُذَيْفَةَ كَمَا هُوَ عِنْدَ مُسْلِمٍ وَذَكَرَ أَبُو عَمْرِو بْنُ الصَّلَاحِ فِي عُلُومِ الْحَدِيثِ أَنَّ هَذِهِ الزِّيَادَةَ تَفَرَّدَ بِهَا أَبُو مَالِكٍ سَعْدُ بْنُ طَارِقٍ الْأَشْجَعِيُّ وَسَائِرُ الرِّوَايَاتِ لَفْظُهَا وَجُعِلَتْ لَنَا الْأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا قُلْت وَلَمْ يَنْفَرِدْ بِهَا أَبُو مَالِكٍ مُطْلَقًا وَإِنَّمَا تَفَرَّدَ بِهَا فِي حَدِيثِ حُذَيْفَةَ.

وَقَدْ رَوَاهَا غَيْرُهُ مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أُعْطِيت مَا لَمْ يُعْطَ أَحَدٌ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ فَقُلْت: مَا هُوَ يَا رَسُولَ اللَّهِ» فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَفِيهِ «وَجُعِلَ لِي التُّرَابُ طَهُورًا» رَوَاهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ، وَالْبَيْهَقِيُّ أَيْضًا فِي سُنَنِهِ وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ فَتَبَيَّنَ أَنَّ الْمُرَادَ التُّرَابُ وَأَنَّهُ مُرَادِفٌ لِلتُّرْبَةِ.

وَأَمَّا قَوْلُ مَنْ اعْتَرَضَ بِأَنَّهُ مَفْهُومُ لَقَبٍ فَإِنَّ الْقَرِينَةَ، وَالسِّيَاقَ فِي حَدِيثِ حُذَيْفَةَ يَدُلَّانِ عَلَى أَنَّ حُكْمَ التَّيَمُّمِ بِهَا مُخَالِفٌ لِلصَّلَاةِ عَلَيْهَا فَإِنَّهُ فَرَّقَ بَيْنَ اللَّفْظَيْنِ فَقَالَ وَجُعِلَتْ لَنَا الْأَرْضُ كُلُّهَا مَسْجِدًا وَجُعِلَتْ تُرْبَتُهَا لَنَا طَهُورًا فَلَوْ اشْتَرَكَ الْأَمْرَانِ فِي جَمِيعِ الْأَرْضِ لَمَا فَرَّقَ بَيْنَ اللَّفْظَيْنِ وَأَكَّدَ الصَّلَاةَ عَلَيْهَا بِقَوْلِهِ كُلُّهَا وَأَوْرَدَ الْفِعْلَ عَلَى التُّرْبَةِ كَمَا عِنْدَ مُسْلِمٍ وَعَلَى التُّرَابِ كَمَا عِنْدَ الْبَيْهَقِيّ وَلَوْ اسْتَوَيَا لَقَالَ مَسْجِدًا وَطَهُورًا كَمَا فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَقَدْ أَشَارَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ إلَى هَذَا الْجَوَابِ.

وَأَمَّا الِاعْتِرَاضُ بِكَوْنِ

<<  <  ج: ص:  >  >>