وَعَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مِثْلُهُ وَعَنْ هَمَّامٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَبْرِدُوا عَنْ الْحَرِّ فِي الصَّلَاةِ» فَذَكَرَهُ وَلَيْسَ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ ذِكْرٌ لِلظُّهْرِ فَيَدْخُلُ فِي عُمُومِهِ الْإِبْرَادُ بِالْجُمُعَةِ
ــ
[طرح التثريب]
وَعَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مِثْلُهُ وَعَنْ هَمَّامٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أَبْرِدُوا عَنْ الْحَرِّ فِي الصَّلَاةِ» فَذِكْرُهُ، فِيهِ فَوَائِدُ:
(الْأُولَى) فِيهِ اسْتِحْبَابُ الْإِبْرَادِ بِصَلَاةِ الظُّهْرِ فِي شِدَّةِ الْحَرِّ وَهُوَ تَأْخِيرُهَا إلَى أَنْ يَبْرُدَ الْوَقْتُ وَيَنْكَسِرَ وَهَجُ الْحَرِّ، وَبِهِ قَالَ الْأَئِمَّةُ الْأَرْبَعَةُ وَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ مِنْ السَّلَفِ، وَالْخَلَفِ لَكِنَّ أَكْثَرَ الْمَالِكِيَّةِ عَلَى اخْتِصَاصِ الْإِبْرَادِ بِالْجَمَاعَةِ.
فَأَمَّا الْمُنْفَرِدُ فَتَقْدِيمُ الصَّلَاةِ فِي حَقِّهِ أَفْضَلُ، وَكَذَا قَالَ ابْنُ حَزْمٍ الظَّاهِرِيُّ: إنَّهُ يَخْتَصُّ الْإِبْرَادُ بِالْجَمَاعَةِ وَحَكَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ الظُّهْرَ تُصَلَّى إذَا فَاءَ الْفَيْءُ ذِرَاعًا فِي الشِّتَاءِ، وَالصَّيْفِ لِلْجَمَاعَةِ، وَالْمُنْفَرِدِ عَلَى مَا كَتَبَ بِهِ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ إلَى عُمَّالِهِ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَغَيْرُهُ مَعْنَى كِتَابِ عُمَرَ مَسَاجِدُ الْجَمَاعَةِ فَأَمَّا الْمُنْفَرِدُ فَأَوَّلُ الْوَقْتِ أَوْلَى بِهِ.
قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَإِلَى هَذَا مَالَ الْفُقَهَاءُ الْمَالِكِيُّونَ مِنْ الْبَغْدَادِيِّينَ وَلَمْ يَلْتَفِتُوا إلَى رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ انْتَهَى.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: إنَّمَا يُسْتَحَبُّ الْإِبْرَادُ فِي شِدَّةِ الْحَرِّ بِشُرُوطٍ:
(الْأَوَّلُ) أَنْ يَكُونَ فِي بَلَدٍ حَارٍّ وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْجُوَيْنِيُّ وَغَيْرُهُ يُسْتَحَبُّ فِي الْبِلَادِ الْمُعْتَدِلَةِ، وَالْبَارِدَةِ أَيْضًا إذَا اشْتَدَّ الْحَرُّ.
(الثَّانِي) أَنْ تُصَلَّى فِي جَمَاعَةٍ فَلَوْ صَلَّى مُنْفَرِدًا فَتَقْدِيمُ الصَّلَاةِ لَهُ أَفْضَلُ.
(الثَّالِثُ) أَنْ يَقْصِدَ النَّاسُ الْجَمَاعَةَ مِنْ بُعْدٍ فَلَوْ كَانُوا مُجْتَمَعِينَ فِي مَوْضِعٍ صَلَّوْا فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ.
(الرَّابِعُ) أَنْ لَا يَجِدُوا كِنًّا يَمْشُونَ تَحْتَهُ يَقِيهِمْ الْحَرَّ، فَإِنْ اخْتَلَّ شَرْطٌ مِنْ هَذِهِ الشُّرُوطِ فَالتَّقْدِيمُ أَفْضَلُ وَقَالَ الشَّيْخُ مُوَفَّقُ الدِّينِ بْنُ قُدَامَةَ فِي الْمُغْنِي: ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ اسْتِحْبَابُ الْإِبْرَادِ بِهَا عَلَى كُلِّ حَالٍ قَالَ الْأَثْرَمُ: وَهَذَا عَلَى مَذْهَبِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ سَوَاءٌ يُسْتَحَبُّ تَعْجِيلُهَا فِي الشِّتَاءِ، وَالْإِبْرَادُ بِهَا فِي الْحَرِّ، وَهُوَ قَوْلُ إِسْحَاقَ وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ وَابْنِ الْمُنْذِرِ لِظَاهِرِ قَوْلِهِ: إذَا اشْتَدَّ الْحَرَّ فَأَبْرِدُوا بِالصَّلَاةِ، وَهَذَا عَامٌّ.
وَقَالَ الْقَاضِي: إنَّمَا يُسْتَحَبُّ الْإِبْرَادُ بِثَلَاثِ شَرَائِطَ شِدَّةُ الْحَرِّ، وَأَنْ يَكُونَ فِي الْبُلْدَانِ الْحَارَّةِ وَمَسَاجِدِ