للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[طرح التثريب]

الْجَمَاعَاتِ فَأَمَّا مَنْ صَلَّاهَا فِي بَيْتِهِ أَوْ فِي مَسْجِدٍ بِفِنَاءِ بَيْتِهِ فَالْأَفْضَلُ تَعْجِيلُهَا وَقَالَ الْقَاضِي فِي الْجَامِعِ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْبُلْدَانِ الْحَارَّةِ وَغَيْرِهَا وَلَا بَيْنَ كَوْنِ الْمَسْجِدِ يَنْتَابُهُ النَّاسُ أَوْ لَا، فَإِنَّ أَحْمَدَ كَانَ يُؤَخِّرُهَا فِي مَسْجِدِهِ وَلَمْ يَكُنْ بِهَذِهِ الصِّفَةِ، وَالْأَخْذُ بِظَاهِرِ الْخَبَرِ أَوْلَى انْتَهَى.

وَذَهَبَتْ طَائِفَةٌ إلَى عَدَمِ اسْتِحْبَابِ الْإِبْرَادِ مُطْلَقًا وَحَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ عُمَرَ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَجَابِرٍ وَحَكَاهُ ابْنُ بَطَّالٍ عَنْهُمْ وَعَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعَلِيٍّ.

وَحَكَاهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ عَنْ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ، وَالْمَشْهُورُ عَنْهُ مُوَافَقَةُ الْجُمْهُورِ.

(الثَّانِيَةُ) فَاحْتَجَّ مَنْ لَمْ يُعْتَبَرْ فِي اسْتِحْبَابِ الْإِبْرَادِ سِوَى شِدَّةِ الْحَرِّ بِهَذَا الْحَدِيثِ وَغَيْرِهِ مِنْ الْأَحَادِيثِ، فَإِنَّهُ لَيْسَ فِيهَا سِوَى ذَلِكَ وَاسْتَنْبَطَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - هَذِهِ الشُّرُوطَ الَّتِي اعْتَبَرَهَا مِنْ الْحَدِيثِ وَجَعَلَهُ تَخْصِيصًا لِلنَّصِّ بِالْمَعْنَى فَحَكَى عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: إنَّ أَمْرَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْإِبْرَادِ كَانَ بِالْمَدِينَةِ لِشِدَّةِ حَرِّ الْحِجَازِ وَلِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ بِالْمَدِينَةِ مَسْجِدٌ غَيْرُ مَسْجِدِهِ يَوْمَئِذٍ وَكَانَ يَنْتَابُ مِنْ الْبُعْدِ فَيَتَأَذَّوْنَ بِشِدَّةِ الْحَرِّ فَأَمَرَهُمْ بِالْإِبْرَادِ لِمَا فِي الْوَقْتِ مِنْ السَّعَةِ.

حَكَاهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَاسْتَدَلَّ التِّرْمِذِيُّ فِي جَامِعِهِ بِحَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ الثَّابِتِ فِي الصَّحِيحَيْنِ «أَذَّنَ مُؤَذِّنُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ النَّبِيُّ: - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَبْرِدْ أَبْرِدْ أَوْ قَالَ: انْتَظِرْ انْتَظِرْ وَقَالَ: شِدَّةُ الْحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ، فَإِذَا اشْتَدَّ الْحَرُّ فَأَبْرِدُوا عَنْ الصَّلَاةِ حَتَّى رَأَيْنَا فَيْءَ التُّلُولِ» وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي صَفَرٍ عَلَى خِلَافِ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَقَالَ: لَوْ كَانَ عَلَى مَا ذَهَبَ إلَيْهِ لَمْ يَكُنْ لِلْإِبْرَادِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ مَعْنًى لِاجْتِمَاعِهِمْ فِي السَّفَرِ وَكَانُوا لَا يَحْتَاجُونَ إلَى أَنْ يَنْتَابُوا مِنْ الْبُعْدِ انْتَهَى.

وَالْجَوَابُ عَمَّا قَالَهُ التِّرْمِذِيُّ أَنَّ اجْتِمَاعَهُمْ فِي السَّفَرِ قَدْ يَكُونُ أَكْثَرَ مَشَقَّةً مِنْهُ فِي الْحَضَرِ، فَإِنَّهُ يَكُونُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فِي خِبَائِهِ أَوْ مُسْتَقِرًّا فِي ظِلِّ شَجَرَةٍ أَوْ صَخْرَةٍ وَيُؤْذِيهِ حَرُّ الرَّمْضَاءِ إذَا خَرَجَ مِنْ مَوْضِعِهِ وَلَيْسَ هُنَاكَ ظِلٌّ يَمْشُونَ فِيهِ وَأَيْضًا فَلَيْسَ هُنَاكَ خِبَاءٌ كَبِيرٌ يَجْمَعُهُمْ فَيَحْتَاجُونَ إلَى أَنْ يُصَلُّوا فِي الشَّمْسِ.

وَالظَّاهِرُ أَيْضًا أَنَّ أَخْبِيَتَهُمْ كَانَتْ قَصِيرَةً لَا يَتَمَكَّنُونَ مِنْ الْقِيَامِ فِيهَا، وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ «أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - كَانَ يَأْمُرُ مُنَادِيَهُ فِي اللَّيْلَةِ الْبَارِدَةِ أَوْ الْمَطِيرَةِ فِي السَّفَرِ أَنْ يَقُولَ أَلَا صَلُّوا فِي الرِّحَالِ»

فَلَمَّا كَانَ وُجُودُ الْبَرْدِ الشَّدِيدِ أَوْ الْمَطَرِ فِي السَّفَرِ مُرَخِّصًا فِي تَرْكِ الْجَمَاعَةِ كَذَلِكَ وُجُودُ الْحَرِّ الشَّدِيدِ فِي السَّفَرِ مُقْتَضٍ لِلْإِبْرَادِ بِالظُّهْرِ وَقَالَ

<<  <  ج: ص:  >  >>