. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
جُبَيْرٍ مُتَأَخِّرٌ جِدًّا إنَّمَا أَسْلَمَ يَوْمَ الْفَتْحِ، وَهَذَا بِلَا شَكٍّ بَعْدَ نَهْيِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - عَنْ الصَّلَاةِ فِي الْأَوْقَاتِ فَوَجَبَ اسْتِثْنَاءُ ذَلِكَ مِنْ النَّهْيِ.
(قُلْت) قَدْ يُقَالُ: إنَّ هَذَا مِمَّا سَمِعَهُ قَبْلَ إسْلَامِهِ كَسَمَاعِهِ قِرَاءَةَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْمَغْرِبِ بِالطُّورِ قَبْلَ إسْلَامِهِ لَكِنَّ مُخَاطَبَتَهُ بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ بِهَذَا الْكَلَامِ إنَّمَا هُوَ بَعْدَ أَنْ صَارَتْ مَكَّةُ دَارَ إسْلَامٍ وَهُوَ بَعْدَ الْفَتْحِ فَهُوَ مُتَأَخِّرٌ عَنْ النَّهْيِ قَطْعًا فَلَوْ اسْتَنَدَ ابْنُ حَزْمٍ إلَى هَذَا لَكَانَ أَحْسَنَ وَرَوَى الدَّارَقُطْنِيُّ، وَالْبَيْهَقِيُّ عَنْ أَبِي ذَرٍّ مَرْفُوعًا «لَا صَلَاةَ بَعْدَ الصُّبْحِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ وَلَا بَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ إلَّا بِمَكَّةَ» لَكِنَّهُ حَدِيثٌ ضَعِيفٌ.
قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَفِي حَدِيثِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ مَا يُقَوِّيهِ مَعَ قَوْلِ جُمْهُورِ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ بِهِ.
(قُلْت) وَيُطْرَقُ الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ مِنْ الْبَحْثِ مَا تَقَدَّمَ عَنْ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ مِنْ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا عَامٌّ مِنْ وَجْهٍ خَاصٌّ مِنْ وَجْهٍ، وَالْأَصَحُّ عِنْدَ أَصْحَابِنَا أَنَّ ذَلِكَ لَا يَخْتَصُّ بِمَكَّةَ بَلْ يَعُمُّ جَمِيعَ الْحَرَمِ، ثُمَّ الِاسْتِثْنَاءُ فِي حَقِّ مَنْ يَطُوفُ أَمَّا غَيْرُهُ فَفِيهِ وَجْهَانِ حَكَاهُمَا الدَّارِمِيُّ فِي الِاسْتِذْكَارِ وَهُمَا عَلَى غَرَابَتِهِمَا كَالْوَجْهَيْنِ فِيمَنْ لَمْ يَحْضُرْ الْجُمُعَةَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَذَكَرَ الْمَحَامِلِيُّ فِي الْمُقْنِعِ أَنَّ الصَّلَاةَ فِي هَذِهِ الْأَوْقَاتِ بِحَرَمِ مَكَّةَ خِلَافُ الْأَوْلَى حَكَاهُ عَنْهُ شَيْخُنَا فِي الْمُهِمَّاتِ.
(الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ) فِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ زِيَادَةٌ فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ لَيْسَتْ مِنْ طَرِيقِ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ، وَإِنَّمَا هِيَ مِنْ رِوَايَةِ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَوَاهَا الْبُخَارِيُّ فِي صِفَةِ إبْلِيسَ وَجُنُودِهِ مِنْ رِوَايَةِ عَبْدَةَ عَنْهُ لَفْظُهَا: فَإِنَّهَا تَطْلُعُ بَيْنَ قَرْنَيْ شَيْطَانٍ أَوْ الشَّيْطَانِ لَا أَدْرِي أَيَّ ذَلِكَ قَالَ هِشَامٌ.
وَالْحَدِيثُ فِي الْبُخَارِيِّ هُنَا مِنْ طَرِيقِ يَحْيَى الْقَطَّانِ عَنْهُ بِدُونِ هَذِهِ الزِّيَادَةِ وَرَوَاهَا مُسْلِمٌ هُنَا مِنْ طَرِيقِ جَمَاعَةٍ عَنْهُ لَفْظُهَا، فَإِنَّهَا تَطْلُعُ بِقَرْنَيْ شَيْطَانٍ وَأَشَارَ بِذَلِكَ إلَى الْعِلَّةِ فِي النَّهْيِ عَنْ الصَّلَاةِ فِي هَاتَيْنِ الْحَالَتَيْنِ قَالَ الْخَطَّابِيُّ وَاخْتَلَفُوا فِي تَأْوِيلِ هَذَا الْكَلَامِ فَقِيلَ مَعْنَاهُ مُقَارَنَةُ الشَّيْطَانِ لِلشَّمْسِ عِنْدَ دُنُوِّهَا لِلْغُرُوبِ كَمَا رُوِيَ أَنَّ الشَّيْطَانَ يُقَارِنُهَا إذَا طَلَعَتْ، فَإِذَا ارْتَفَعَتْ فَارَقَهَا، فَإِذَا اسْتَوَتْ قَارَنَهَا، فَإِذَا زَالَتْ فَارَقَهَا، فَإِذَا دَنَتْ لِلْغُرُوبِ قَارَنَهَا فَإِذَا غَرَبَتْ فَارَقَهَا فَحُرِّمَتْ الصَّلَاةُ فِي هَذِهِ الْأَوْقَاتِ الثَّلَاثَةِ لِذَلِكَ.
وَقِيلَ مَعْنَى قَرْنِ الشَّيْطَانِ قُوَّتُهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute