. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
مِنْ قَوْلِك أَنَا مُقْرِنٌ لِهَذَا الْأَمْرِ أَيْ مُطِيقٌ لَهُ قَوِيٌّ عَلَيْهِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الشَّيْطَانَ إنَّمَا يَقْوَى أَمْرُهُ فِي هَذِهِ الْأَوْقَاتِ؛ لِأَنَّهُ يُسَوِّلُ لِعَبَدَةِ الشَّمْسِ أَنْ يَسْجُدُوا لَهَا فِي هَذِهِ الْأَوْقَاتِ وَقِيلَ قَرْنُهُ حِزْبُهُ وَأَصْحَابُهُ الَّذِينَ يَعْبُدُونَ الشَّمْسَ وَقِيلَ إنَّ هَذَا تَمْثِيلٌ وَتَشْبِيهٌ، وَذَلِكَ أَنَّ تَأْخِيرَ الصَّلَاةِ إنَّمَا هُوَ تَسْوِيلُ الشَّيْطَانِ لَهُمْ وَتَزْيِينُهُ ذَلِكَ فِي قُلُوبِهِمْ، وَذَوَاتُ الْقُرُونِ إنَّمَا تُعَالِجُ الْأَشْيَاءَ وَتَدْفَعُهَا بِقُرُونِهَا فَكَأَنَّهُمْ لَمَّا دَافَعُوا الصَّلَاةَ وَأَخَّرُوهَا عَنْ أَوْقَاتِهَا بِتَسْوِيلِ الشَّيْطَانِ لَهُمْ حَتَّى اصْفَرَّتْ الشَّمْسُ صَارَ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ مَا يُعَالِجُهُ ذَوَاتُ الْقُرُونِ بِقُرُونِهَا وَتَدْفَعُهُ بِأَرْوَاقِهَا.
وَقِيلَ إنَّ الشَّيْطَانَ يُقَابِلُ الشَّمْسَ عِنْدَ طُلُوعِهَا وَيَنْتَصِبُ دُونَهَا حَتَّى يَكُونَ طُلُوعُهَا بَيْنَ قَرْنَيْهِ وَهُمَا جَانِبَا رَأْسِهِ فَيَنْقَلِبُ سُجُودُ الْكُفَّارِ لِلشَّمْسِ عِبَادَةً لَهُ انْتَهَى.
وَقَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ: وَمَعْنَى قَرْنَيْ الشَّيْطَانِ هُنَا يَحْتَمِلُ الْحَقِيقَةَ، وَالْمَجَازَ وَإِلَى الْحَقِيقَةِ ذَهَبَ الدَّاوُدِيُّ وَغَيْرُهُ وَلَا بُعْدَ فِيهِ، وَقَدْ جَاءَتْ آثَارٌ مُصَرِّحَةٌ بِغُرُوبِهَا عَلَى قَرْنَيْ الشَّيْطَانِ، وَأَنَّهَا تُرِيدُ عِنْدَ الْغُرُوبِ السُّجُودَ لِلَّهِ تَعَالَى فَيَأْتِي شَيْطَانٌ يَصُدُّهَا فَتَغْرُبُ بَيْنَ قَرْنَيْهِ وَيُحْرِقُهُ اللَّهُ.
وَقَدْ قِيلَ إنَّ الشَّيْطَانَ حِينَئِذٍ يَجْعَلُهَا بَيْنَ قَرْنَيْهِ لِيُغَالِطَ نَفْسَهُ فِيمَنْ يَعْبُدُهَا وَيَسْجُدُ لَهَا عِنْدَ طُلُوعِهَا وَغُرُوبِهَا، وَإِنَّهُمْ إنَّمَا يَسْجُدُونَ لَهُ وَقِيلَ قَرْنُهُ عُلُوُّهُ وَارْتِفَاعُهُ بِهَذَا، وَقِيلَ مَعْنَاهُ الْمَجَازُ، وَالِاتِّسَاعُ، وَإِنَّ قَرْنَيْ الشَّيْطَانِ أَوْ قَرْنَهُ الْأُمَّةُ الَّتِي تَعْبُدُ الشَّمْسَ وَتُطِيعُهُ فِي الْكُفْرِ بِاَللَّهِ، وَإِنَّهَا لَمَّا كَانَتْ تَسْجُدُ لَهَا وَيُصَلِّي مَنْ يَعْبُدُهَا مِنْ الْكُفَّارِ حِينَئِذٍ نَهَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ التَّشَبُّهِ بِهِمْ وَيَعْضُدُ هَذَا التَّأْوِيلَ قَوْلُهُ فِي بَعْضِ طُرُقِ الْحَدِيثِ، فَإِنَّهَا تَطْلُعُ عَلَى قَرْنِ الشَّيْطَانِ وَيُصَلِّي لَهَا الْكُفَّارُ وَفِي رِوَايَةٍ يَسْجُدُ لَهَا الْكُفَّارُ وَقِيلَ قَرْنُهُ قُوَّتُهُ وَسُلْطَانُهُ.
وَهُوَ عِبَادَةُ مَنْ عَبَدَهَا حِينَئِذٍ مِمَّنْ أَطَاعَهُ وَقَالَ الْحَرْبِيُّ فِيهِ قَرْنَا الشَّيْطَانِ نَاحِيَتَا رَأْسِهِ وَقَالَ هَذَا مَثَلٌ أَيْ حِينَ يَتَسَلَّطُ الشَّيْطَانُ وَقِيلَ مَعْنَى قَرْنِهِ مُقَارَنَتُهُ قَالَ الْخَطَّابِيُّ وَقِيلَ هُوَ تَمْثِيلٌ أَيْ إنَّ تَأْخِيرَهَا وَدَفْعَهَا عَنْ وَقْتِهَا بِتَزْيِينِ الشَّيْطَانِ كَدَفْعِ ذَوَاتِ الْقُرُونِ لِمَا تَدْفَعُهُ انْتَهَى.
وَصَحَّحَ النَّوَوِيُّ الْوَجْهَ الْأَخِيرَ فِي كَلَامِ الْخَطَّابِيِّ وَعَزَا لِلْخَطَّابِيِّ الْجَزْمَ بِالْوَجْهِ الرَّابِعِ، وَقَدْ عَرَفْتَ أَنَّهُ حَكَى هُنَا خَمْسَةَ أَوْجُهٍ مِنْ غَيْرِ تَرْجِيحٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute