. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
عَلَى الْكُفَّارِ وَلَعْنَتِهِمْ قَالَ صَاحِبُ الْمُفْهِمِ وَلَا خِلَافَ فِي جَوَازِ لَعْنِ الْكَفَرَةِ وَالدُّعَاءِ عَلَيْهِمْ قَالَ وَاخْتَلَفُوا فِي جَوَازِ الدُّعَاءِ عَلَى أَهْلِ الْمَعَاصِي فَأَجَازَهُ قَوْمٌ وَمَنَعَهُ آخَرُونَ.
(قُلْت) أَمَّا الدُّعَاءُ عَلَى أَهْلِ الْمَعَاصِي وَلَعْنِهِمْ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينٍ فَلَا خِلَافَ فِي جَوَازِهِ لِقَوْلِهِ «لَعَنَ اللَّهُ السَّارِقَ يَسْرِقُ الْبَيْضَةَ» .
«لَعَنَ اللَّهُ مَنْ غَيَّرَ مَنَارَ الْأَرْضِ» وَنَحْوُ ذَلِكَ وَأَمَّا مَعَ التَّعْيِينِ فَوَقَعَ كَثِيرًا فِي الْأَحَادِيثِ كَقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «اللَّهُمَّ لَا تَغْفِرْ لِمُحَلِّمِ بْنِ جَثَّامَةَ» وَلِهَذَا قَالَ النَّوَوِيُّ فِي الْأَذْكَارِ إنَّ ظَوَاهِرَ الْأَحَادِيثِ تَدُلُّ عَلَى جَوَازِ لَعْنِ أَهْلِ الْمَعَاصِي مَعَ التَّعْيِينِ.
(قُلْت) وَقَدْ يُقَالُ: هَذَا مِنْ خَوَاصِّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «اللَّهُمَّ إنِّي اتَّخَذْت عِنْدَك عَهْدًا أَيُّمَا مُسْلِمٍ سَبَبْتُهُ أَوْ لَعَنْتُهُ وَلَيْسَ لَهَا بِأَهْلٍ فَاجْعَلْهَا لَهُ صَلَاةً» الْحَدِيثَ. وَهَذَا لَيْسَ لِغَيْرِهِ فَلِهَذَا كَانَ الْمَنْقُولُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَعْنُ الْعَاصِي الْمُعَيَّنِ وَأَمَّا لَعْنُ الْكَافِرِ الْمُعَيَّنِ فَلَا شَكَّ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَفْعَلُهُ، وَلَكِنْ هَلْ لَنَا أَنْ نَتَعَاطَى ذَلِكَ فَمَنَعَ مِنْهُ أَبُو حَامِدٍ الْغَزَالِيُّ إلَّا أَنْ يُقَيِّدَ ذَلِكَ بِأَنْ يَمُوتَ عَلَى كُفْرِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(الثَّامِنَةُ) قَوْلُهُ «اللَّهُمَّ اُشْدُدْ وَطْأَتَك» هُوَ بِفَتْحِ الْوَاوِ وَسُكُونِ الطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ وَبِالْهَمْزِ وَالْمَعْنَى خُذْهُمْ أَخَذَا شَدِيدًا قَالَهُ صَاحِبُ النِّهَايَةِ وَمِنْ حَدِيثِ خَوْلَةَ بِنْتِ حَكِيمٍ فِي مُسْنَدِ أَحْمَدَ «آخَرُ وَطْأَةٍ وَطِئَهَا اللَّهُ بِوَجٍّ» قَالَ وَالْوَطْءُ فِي الْأَصْلِ الدَّوْسُ بِالْقَدَمِ فَسُمِّيَ بِهِ الْغَزْوُ وَالْقَتْلُ قَالَ وَالْمَعْنَى أَنَّ آخِرَ أَخْذَةٍ وَوَقْعَةٍ أَوْقَعَهَا اللَّهُ بِالْكُفَّارِ كَانَتْ بِوَجٍّ وَكَانَتْ غَزْوَةُ الطَّائِفِ آخِرَ غَزَوَاتِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِنَّهُ لَمْ يَغْزُ بَعْدَهَا إلَّا غَزْوَةَ تَبُوكَ وَلَمْ يَكُنْ فِيهَا قِتَالٌ انْتَهَى.
(التَّاسِعَةُ) الْمُرَادُ «بِسِنِي يُوسُفَ» السَّبْعُ الشِّدَادُ الْمَذْكُورَةُ فِي قَوْله تَعَالَى {ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ} [يوسف: ٤٨] وَالْمُرَادُ بِهِ الْغَلَاءُ وَالْقَحْطُ وَقَدْ أَوَّلَ صَاحِبُ الْمُفْهِمِ هَذَا الدُّعَاءَ بِحَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ فَقَالَ «وَاسْتُجِيبَ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيهِمْ فَأَجْدَبُوا سَبْعًا أَكَلُوا فِيهَا كُلَّ شَيْءٍ» وَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَقَالَ فِيهِ «حَتَّى جَاءَ أَبُو سُفْيَانَ فَكَلَّمَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَدَعَا لَهُمْ فَسُقُوا» عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ فِي كِتَابِ التَّفْسِيرِ انْتَهَى كَلَامُ الْقُرْطُبِيِّ، وَفِيهِ أَوْهَامٌ أَحَدُهَا فِي قَوْلِهِ «فَأَجْدَبُوا سَبْعًا» وَلَيْسَ فِي وَاحِدٍ مِنْ الصَّحِيحَيْنِ وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ أَيْضًا فَإِنَّهُ كُشِفَ عَنْهُمْ قَبْلَ بَدْرٍ وَكَانَتْ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ الْهِجْرَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute